الغني والشمس 2024.

كان أحد الأغنياء يغتاظ كثيراً حين تغرب الشمس مختفية وراء التل. وكان يصيح:‏
ـ لم ينتهِ بعدُ حصادُ حقلي، وهاهي ذي الشمس الملعونة تغادر السماء ويتوجه الحصادون نحو القرية.‏
واتخذ الغني قراراً جريئاً: ذهب في اليوم التالي إلى بيته ظهراً وأحضر من قبو البيت شبكة لصيد السمك ومضى مسرعاً إلى التل البعيد الذي تختفي الشمس وراءه مساءً.‏
نَمتْ فوق ذلك التل صنوبرتان كان الغني وكل الناس يرون الشمس تمر بينهما كل يوم.‏
ربط الغني طرف الشبكة إلى إحدى الصنوبرتين ثم بذل الكثير من الجهد وربط الطرف الثاني إلى الأخرى، ثم قال:‏
ـ هكذا، تماماً! لن تغرب الشمس اليوم! سوف تتشابك أشعتها مع خيوط شبكتي وسيبقى الحصادون يحصدون طوال الليل في حقولي مستضيئين بضوئها. وسيكدسون الكثير من الأكداس والأكوام.‏
عاد الغني إلى الحقل وراح ينتظر بنفاد صبر أن يرى كيف ستعلق الشمس في شبكة الصيد.‏
كان غنياً فعلاً، لكنه كان جاهلاً، فهل تستطيع شبكة واهنة أن توقف الشمس وتمنعها عن المسير!‏
اكتست الشمس بأضوائها القرمزية فجحظت عينا الغني الأحمق واعتراه الخوف من تلك الأضواء. تأوه مغتاظاً وقال:‏
ـ ويلاه، لقد أشعل الحريق الشبكة والصنوبرتين معاً!‏
لكنه لم يشعر باليأس بعد هذا الفشل.‏
حمل ذات صباح سلسلة حديدية ثقيلة ومضى، بلا تردد، إلى ذلك التل الذي تشرق الشمس من خلفه صباحاً.‏
مضى قدماً لا يتوقف والسلسلة الثقيلة فوق كتفه.‏
وظل يمشي ويمشي.‏
ثم أرسل ابتسامة من تحت شاربيه:‏
ـ حين تشرق الشمس سوف ألفُّ السلسلة حولها وأشدها إلى صخرة فلا تستطيع الغروب أبداً.‏
ومشى الغني ومشى، وحين بلغ التل أدرك أن الشمس قد ارتفعت كثيراً في السماء.‏
قال: وهو يعود أدراجه.‏
ـ لقد أفلتت مني، مرة أخرى، هذه الشمس الملعونة!‏
وجعله الفشل يشتعل غيظاً، ولكنه رأى الشمس تلمع في بحيرة بين الجبال فصاح:‏
ـ آه، وأخيراً وقعت في يدي! سأخرجك الآن من الماء! سأربطك بسلسلتي هناك على ذلك التل. ستضيئين لي ليلاً ونهاراً.‏
أرسل الغني صرخة ابتهاج عالية وألقى بنفسه في المياه العميقة من فوق صخرة شاهقة.‏
لا أعرف إن كان استطاع أن يربط الشمس أم لا، ولكن أحداً لم يسمعه بعد ذلك ولم يره أحد.‏

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.