تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » من يوميات حفار قبور

من يوميات حفار قبور 2024.

عاد إلى المنزل في ذلك اليوم فرحا مبتهجا وهو يحمل في يده{قفة} فيها خضرا وفواكها ولحما،وقبل أن تطأ رجليه عتبة باب المنزل حام حوله أطفاله الثلاثة وهم يركضون ويمرحون من شدة فرحهم بعودته،,استقبلته زوجته بوجه بشوش،وقالت بنبرة هادئة وعينيها شاخصة في القفة:
ـ هذا يعني أنك حفرت قبورا كثيرة هذا اليوم!!.
أجابها بنفس النبرة:
ـ نعم ،فلقد مات أكثر من عشرة اشخاص من القرية المجاورة.
قالت الزوجة متسائلة:
ـ كيف؟!.
أعطاها القفة ،وأكمل مسيره متجها صوب ركن من أركان البهو،ورمى بجسمه المنهك على أريكة متهالكة….كان الأطفال لازالوا يحمون حوله….فأبعدتهم أمهم وهي تقول:
ـ دعوا والدكم…ليستريح…
غمس يده في جيب معطفه ،وأخرجها وقد أمسكت بقطع نقدية من فئة الدرهم والدرهمين،فأعطى لأصغرهم ثلاثة دراهم ولأكبرهم درهما ،ولأوسطهه درهمان،كانت القسمة غير ***ة،لكنهم أنصرفوا فرحين…عادت الزوجة لتستفسر عن سبب موت أولئك،فأجابها:
ـ المساكين كانوا في حفلة زفاف،فارتطمت الحافلة التي كانت تقلهم بشاحنة…
سالته ببلادة:
ـ وكيف إستطعت أن تدفنهم وقد مزقت أجسادهم؟!.
ـ لقد وضعوا جثثهم في صناديق خشبية.

تنفس بعمق وكأنه يريد أن يخرج شيئا ما جاثما في صدره،واستأنف كلامه قائلا:
ـ أتصدقين؟!…حفار القبور وإن كانت مهنة شريفة،فإن صاحبها يخيل إليه وكأنه يتاجر في شيء إسمه الموت،ويتمنى دون قصد أن تٌجلب المآسي والأحزانلبيوت آمنة ومطمئنة وسعيدة لكي يكسب رزقه،ويجلب هو الآخر الطمأنينة والسعادة لأ سرته….
ثم عاد ليتنفس بعمق…وطلب من زوجته أن تعد {وليمة دسمة} …ورمى بجسمه المنهك كليا على الأريكة البالية المهترئة ،وهو يتمنى أن لايبخل الله عليه بالعطاء…حتى تعيش أسرته آمنة ،مطمئنة،سعيدة.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.