الخيبة وحدها عكازتي في مسيرة النسيان
دخل البيت فأر صغير
وأخذ يعيث فساداً بأثاث المنزل
قال الأب وكان رجلاً مسناً متعباً: لا بد من قتله قبل أن يخرب البيت كله
ضحك الأبناء جميعاً لقد خرّف أبانا فأر يخرّب بيتنا الكبير
ونحن موجودون فيه
قال الأكبر وكان شاباً قويّ الساعد مفتول العضلات مهاب الجانب: بركلة واحدة
من طرف حذائي أجعله فتاتاً
وقال الأوسط وكان ذا هيبة وحنكة عندما يتكلم: ركلة القدم قد تسبب آثاراً
قذرة على الأرض تتعب أمنا المسنة بعدها
سأرفعه من ذيله بطرف إصبعي هاتين وأشار للإبهام والوسطى وأرميه خارجاً
قال الأصغر بعامين وكان مغروراً منفاخاً فأر صغير لا يستحق أن ألوث به إصبعاً
سأدحرجه
بطرف المكنسة وأعيده من حيث أتى
قال الأصغر وكان قليل الحيلة كثير الكلام خائب الأفعال لكنه مدعوم
بحب الأم الزائد وبعطف الأب: أنا لها إياكم والاقتراب منه
إنها فرصتي لأثبت لكم جميعاً أني أستطيع فعل شيء ما
اختلف الأخوة وكانوا كثر واحتدم النقاش والأب يستمع بحزن ويهز رأسه بأسى
ويردد بصوت ضعيف بين الفينة والأخرى
يا أولاد الفأر الفأر يخرّب البيت
غاب صوت الأب وارتفع صوت الخلاف بين الأخوة
الأول قال: أنتم ليس لكم كبير عندما يتكلم الكبير يجب أن يصغي الجميع
ونسي أن أباه هو الكبير وليس هو
وقال الأوسط: من غابت حنكته بطلت أفعاله
كلكم تشهدون لي بالذكاء ويجب أن أكون صاحب القول الفصل
وقال الصغير: أرأيتم حتى صغائر الأمور لا تتركوها لي وتقولون
بعدها لا أصلح لشيء
غاب صوت العقل وكان الخلاف سيد الموقف بين الأخوة
كبر الفأر وأصبح جرذاً