كان أحد الأغنياء يغتاظ كثيراً حين تغرب الشمس مختفية وراء التل. وكان يصيح:
ـ لم ينتهِ بعدُ حصادُ حقلي، وهاهي ذي الشمس الملعونة تغادر السماء ويتوجه الحصادون نحو القرية.
واتخذ الغني قراراً جريئاً: ذهب في اليوم التالي إلى بيته ظهراً وأحضر من قبو البيت شبكة لصيد السمك ومضى مسرعاً إلى التل البعيد الذي تختفي الشمس وراءه مساءً.
نَمتْ فوق ذلك التل صنوبرتان كان الغني وكل الناس يرون الشمس تمر بينهما كل يوم.
ربط الغني طرف الشبكة إلى إحدى الصنوبرتين ثم بذل الكثير من الجهد وربط الطرف الثاني إلى الأخرى، ثم قال:
ـ هكذا، تماماً! لن تغرب الشمس اليوم! سوف تتشابك أشعتها مع خيوط شبكتي وسيبقى الحصادون يحصدون طوال الليل في حقولي مستضيئين بضوئها. وسيكدسون الكثير من الأكداس والأكوام.
عاد الغني إلى الحقل وراح ينتظر بنفاد صبر أن يرى كيف ستعلق الشمس في شبكة الصيد.
كان غنياً فعلاً، لكنه كان جاهلاً، فهل تستطيع شبكة واهنة أن توقف الشمس وتمنعها عن المسير!
اكتست الشمس بأضوائها القرمزية فجحظت عينا الغني الأحمق واعتراه الخوف من تلك الأضواء. تأوه مغتاظاً وقال:
ـ ويلاه، لقد أشعل الحريق الشبكة والصنوبرتين معاً!
لكنه لم يشعر باليأس بعد هذا الفشل.
حمل ذات صباح سلسلة حديدية ثقيلة ومضى، بلا تردد، إلى ذلك التل الذي تشرق الشمس من خلفه صباحاً.
مضى قدماً لا يتوقف والسلسلة الثقيلة فوق كتفه.
وظل يمشي ويمشي.
ثم أرسل ابتسامة من تحت شاربيه:
ـ حين تشرق الشمس سوف ألفُّ السلسلة حولها وأشدها إلى صخرة فلا تستطيع الغروب أبداً.
ومشى الغني ومشى، وحين بلغ التل أدرك أن الشمس قد ارتفعت كثيراً في السماء.
قال: وهو يعود أدراجه.
ـ لقد أفلتت مني، مرة أخرى، هذه الشمس الملعونة!
وجعله الفشل يشتعل غيظاً، ولكنه رأى الشمس تلمع في بحيرة بين الجبال فصاح:
ـ آه، وأخيراً وقعت في يدي! سأخرجك الآن من الماء! سأربطك بسلسلتي هناك على ذلك التل. ستضيئين لي ليلاً ونهاراً.
أرسل الغني صرخة ابتهاج عالية وألقى بنفسه في المياه العميقة من فوق صخرة شاهقة.
لا أعرف إن كان استطاع أن يربط الشمس أم لا، ولكن أحداً لم يسمعه بعد ذلك ولم يره أحد.