تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الرفق قى الإسلام

الرفق قى الإسلام 2024.

الرفق قى الإسلام
الرفق من أحب الفضائل والخلال إلى الحق عز وجل ومن أبلغها أثرا فى حياة البشر ودعم علاقاتهم وتنمية أحاسيسهم ، وترقية مشاعرهم ، وتوثيق صِلاتهم وروابطهم بالكون أجمع ، ومن هنا دعا الإسلام إليه .
والرفق ضد العنف ، يُقال رفق بالأمر وله وعليه . والرفق لين الجانب ولطافة الفعل ، وصاحبه رفيق ، وفى الحديث : " أنت رفيق والله طبيب " أى أنت ترفق بالمريض وتلطفه والله الذى يبرئه ويُعافيه " . والرفقة : القوم ينهضون فى سفر يسيرون معا وينزلون معا ولا يفترقون ، ( لسان العرب لإبن منظور مادة رفق ) . قال عمرو بن العاص لإبنه عبد الله : ما الرفق ؟ قال : أن تكون ذا أناة وتلاين ، قال فما الخرق ؟ قال معاداة إمامك ، ومناوأة من يقدر على ضرَّك . قال سفيان الثورى لأصحابه : تدرون ما الرفق ؟ قالوا : قل . قال : أن تضع الأمور فى مواضعها : الشدة فى موضعها ، واللين فى موضعه والسيف فى موضعه والسوط فى موضعه . ( فيض القدير شرح الجامع الصغير للعلامة المناوى جـ 4 صـ57 ) . ومن هنا دعا الإسلام إلى الرفق ورغبنا فيه ونوه بأنه ـ فى بابه ـ لاعدل فى نتائجه وآثاره ، وأن الله عز وجل أوفى الجزاء عليه فى الدنيا والآخرة .
عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الله تعالى رفيق يُحب الرفق ويعطى عليه ما لا يعطى على العنف " رواه البخارى فى الأدب ( المرجع السابق جـ 2 صـ 237 ) فكل ما فى الرفق من الخير ، ففى العنف الشر مثله .وعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرفق لايكون فى شئ ألا زانه ، ولاينزع من شئ إلا شانه " رواه مسلم . قال العلامة المناوى : " الرفق لايكون فى شئ إلا زانه " إذهو سبب لكل خير ، " ولا ينزع من شئ إلا شانه " أى عابه ، وإذا كان الرفق مطلوبا فى كل أمر وحين وهو بالطبع ليس بديلا عن الحزم ، فإنه
مع الأعداء والمخالفين لنا فى الدين يكون أوجب وألزم ، إذ به يلزم المرء جادته ولايخرج عليها ، ولايعطى لخصمه من مادة اللجاجة ما يطمعه فيتكئ عليها ويستثمرئها ويتطاول بها . عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم قالت عائشة: ففهمتها وقالت : وعليكم السام واللعنة ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ان الله يحب الرفق فى الأمر كله . فقلت : يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد قلت وعليكم " رواه البخارى ( فتح البارى بشرح البخارى لابن حجر جـ 3 صـ 57 ) وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش "رواه البخارى فى الأدب ( الجامع الصغير للعلامة المناوى جـ 4 صـ 334 ) وهذا حث على التخلق بالرفق وذم العنف ، قاله لها حين قالت لليهودى عليكم السام واللعنة بعد قولهم للنبى صلى الله عليه وسلم السام عليك .ومن هذا المعنى يكون الرفق ضرورة فى كل عمل ، وأمرا واجبا لتجويده ونجاحه وكماله ، وبالتالى يكون الخطأ والخيبة ثم التخلف حليفا لكل عمل صادر عن إنسان عجول مضطرب أهوج أخرق . قال وهب بن منبه : الرفق ثنى الحلم وقال بعضهم : ما أحسن الإيمان يزينه علم ، وما أحسن العلم يزينه عمل ، وما أحسن العمل يزينه الرفق ، وما أضيف شئ إلى شئ مثل حلم إلى علم . وعن أبى عون الأنصارى قال : ما تكلم الناس بكلمة صعبة ألا وفى جانبها كلمة ألين منها تجرى مجراها .
يقول الرسول الكريم : " إن هذا الدين يسر فأوغلوا فيه برفق وإنه لن يشاد أحد إلا غلبه " ويقول الرسول الكريم أيضا : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطتم " فقوله تعالى : " فاتفوا الله ما استطعتم " هو الميزان يقيم عليه المؤمن دينه كله وأن يبقى هذه الفتن التى تهب عليه من كل جهة ، أن يتقيها بقدر مايملك من قوة وما يتحمله من جهد ، والله سبحانه وتعالى يقول " لايكلف الله نفسا إلا وسعها لهل ما كسبت وعليها مااكتسبت " فكل نفس لها طاقة من الإحتمال ولها قدر من القوة وأنه على قدر طاقتها وقوتها ، تحاسب فتجزى بما كسبت وعلى مااكتسبت .
ومن أجل ذلك كانت شريعة الإسلام ـ مع عمومها ـ تنظر إلى ما فى الناس كأفراد . وإلى مافيهم من ضعف وقوة ، فتكلف القوى بما لاتكلف به الضعيف .( التفسير القرآنى للأستاذ عبد الكريم الخطيب جـ 28 صـ 992 ، 993 ) . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذات نفسه قدوة الخلق فى ذلك ، يلتزم جادة الحق ومنطق الفطرة . عن عائشة رضى الله عنها قالت : " ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين الا أخذ أيسرهما مالم يكن إثما ، فإنه كان أبعد الناس منه .. وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله بها " …. رواه البخارى . عن أبى هريرة رضى الله عنه ، وعنه صلى الله عليه وسلم قال : " دعونى ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتبوه وإذا أمرتكم يشئ فأتوا منه ما استطعتم " … رواه البخارى .قال إبن حجر فى شرح الحديث : قال النووى : هذا من جوامع الكلم وقواعد الإسلام ، ويدخل فيه كثير من الأحكام ، كالصلاة لمن عجز عن ركن منها أو شرط ، فيأتى بالمقدور ، وكذا الوضوء وستر العورة ، وحفظ بعض الفاتحة وإخراج بعض زكاة الفطر لمن لم يقدر على الكل والإمساك فى رمضان لمن أفطر بالقدر ثم قدر فى أثناء النهار إلى غير ذلك . ( فتح البارى بشرح البخارى جـ 19 صـ 19 ـ 21 بتصرف ) " وكان عليه الصلاة والسلام يأتى ضعفاء المسلمين ويزورهم " ، تلطفا بهم وإيناسا لهم " ويعود مرضاهم ويدنو من المريض ويجلس عند رأسه ويسأله كيف حاله ويشهد جنائزهم " وكان صلى الله عليه وسلم ـ يهش للصبيان ويفرح يهم ويدعو لهم ويداعبهم ويرق لهم ويتلطف
معهم ، وقد حذا سلفنا الصالح حذو مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فكان رفقهم تربية ووسيلة إصلاح وتوجيه فسعد بهم المجتمع واستقام أمره . من كتاب الإسلام دين الرفق ( سلسلة الدين والحياة )

خليجية


دعيني أنحي قلمي قليلا
أقف أحتراما لكِ
ولقلمك
وأشد على يديك لهذا الابداع
الذي هز أركان المكان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.