قال ابن الجوزي رحمه الله
واعلم أن القلب كالحصن .. وعلى ذلك الحصن سور .. وللسور أبواب .. وفيه ثلم .. وساكنه العقل .. والملائكة تتردد إلي ذلك الحصن .. وإلي جانبه ربض فيه الهوي .. والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع .. والحرب قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض .. والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثلم .. فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي وكل بحفظه .. وجميع الثلم .. وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة،فإن العدو ما يفتر..
قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة..
و هذا الحصن مستنير بالذكر .. مشرق بالإيمان .. وفيه مرآة صقيلة يترادى فيها صور كل من يمر به .. فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان .. فتسود حيطان الحصن .. وتصدأ المرآة .. وكمال الفكر يرد الدخان .. وصقل الذكر يجلو المرآة .. وللعدو حملات .. فتارة يحمل فيدخل الحصن .. فيكر عليه الحارس فيخرج .. وربما دخل .. فعاث .. وربما أقام لغفلة الحارس .. وربما ركدت الريح الطاردة للدخان .. فتسود حيطان الحصن .. وتصدأ المرآة .. فيمر الشيطان ولا يدرى به .. وربما جرح الحارس لغفلته .. وأسر .. واستخدم .. وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته .. وربما صار كالفقيه في الشر ..