الثقة المطلقة يجب أن تكون بالله وحده ولذا يتبرأ الإنسان من حَوْلِه وقوته فيقول : لاحول ولا قوة إلا بالله . والثقة إنما تكون بما عند الله من نصر وإعانة ومدد ورزق وتفريج كربات وغير ذلك وهذا هو شأن الأنبياء والصالحين ، فهذا نبى الله موسى عليه الصلاة والسلام يقف أمام البحر والعدو من خلفه فيقول أصحابه : " إنا لمدركون " فيرد عليهم بلسان الواثق بنصر الله : " كلا إن معى ربى سيهدين " فيأتيه الفرج والنصر بالأمر الربانى : " اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم " الشعراء 63
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يختبئ فى الغارمع أبى بكر رضى الله عنه فيقف المشركون أمام باب الغارحتى رأيا أقدامهم فيقول أبو بكر : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " البخارى ومسلم .
والأمثلة على ذلك كثيرة فلا يثق المسلم بنفسه بل يثق بالله وبما عند الله عز وجل .
ومن هذا الباب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات " روا أحمد وأبو داود . ( ينأى عنه : أى يبتعد عنه حتى لا يُفتن) وهذا دليل على أن النفس لايوثق بها بل تُجَنَّب مواطن الفتن والهلكة .والثقة بالنفس ربما دفعت صاحبها إلى التعالى والغرور ونتيجة لذلك العُجب الذى هو أكبر من الذنب كما فى قوله عليه الصلاة والسلام : " لو لم تكونوا تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك ؛ العجب العجب " رواه البيهقى فى شعب الإيمان وحسنه الألبانى