تلقى فضيلة العلامة د.يوسف القرضاوي- رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين – سؤالاً من أحد القراء مفاداه كما جاء على لسان السائل: نحن في مركز إسلامي أوربي، ونريد أن نسوِّق للتبرُّعات التي تعيننا على الدعوة لله تعالى، ومن الوسائل المتاحة في ذلك أن نعرض أوراق أو كوبونات – كورق اليانصيب – ونعطي على بعضها جوائز، فهل هل هذا الفعل لغرض الخير حلال أم حرام؟ وماذا علينا إذا جاءنا تبرُّع من حصيلة اليانصيب؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن ولاه.
(أما بعد)
يقوم المنهج الإسلامي على الربط بين الاقتصاد والأخلاق، فالاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا"، فلا يجوز لنا أن نرتكب الحرام لنُنشئ به مشروعًا خيريًّا، كأن نبيع الخمر، أو نلعب الميسر، أو نأكل الربا، أو غير ذلك من التصرُّفات المحرَّمة بيقين؛ لنفعل بها بعض الخيرات.
وما يسمى (باليانصيب) هو لون من ألوان القمار، ولا ينبغي التساهل فيه والترخيص به باسم (الجمعيات الخيرية) و(الأغراض الإنسانية).
إن الذين يستبيحون اليانصيب لهذا، كالذين يجمعون التبرُّعات لمثل تلك الأغراض بالرقص الحرام، و(الفن) الحرام. ونقول لهؤلاء وهؤلاء: "إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّبًا".
والذين يلجئون إلى هذه الأساليب يفترضون في المجتمع أنه قد ماتت فيه نوازع الخير، وبواعث الرحمة، ومعاني البرِّ، ولا سبيل إلى جمع المال إلا بالقمار أو اللهو المحظور، والإسلام لا يفترض هذا في مجتمعه، بل يؤمن بجانب الخير في الإنسان، فلا يتَّخذ إلا الوسيلة الطاهرة للغاية الشريفة، تلك الوسيلة هي الدعوة إلى البرِّ واستثارة المعاني الإنسانية، ودواعي الإيمان بالله والآخرة.
حكم التبرُّع بأموال اليانصيب
ولكن إذا وجدت أموال محرَّمة أو مشتبه فيها، فمصرف هذه الأموال المحرَّمة هو الفقراء والجهات الخيريَّة، فإذا كانت هذه الأموال المجموعة من اليانصيب ليست من عمل هؤلاء الأخوة، ولا من صنعهم، ولا من تدبيرهم، وإنما جاءت من غيرهم، فلا بأس أن يأخذوها؛ لأنهم قطعًا من الجهات المستحقَّة والمصارف المشروعة لهذه الأموال الخبيثة والمشبوهة. والله أعلم.