بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يقول الشيخ الدكتور عكرمة صبري (مفتي القدس والديار الفلسطينية):
لقد حثت شريعة الإسلام على حفظ نفس الإنسان وجسمه وشجعت على ضرورة بالعناية بالصحة فقد قال تعالى: "وإذا مرضت فهو يشفين" وقال عليه الصلاة والسلام: "تداوا عباد الله ما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء".
هذا ومن خلال دراسة وفهم النصوص الشرعية ومقاصدها العامة نستطيع الجزم بأن زراعة الأعضاء في جسم الإنسان من الأمور المباحة والجائزة شرعًًا من حيث المبدأ مع مراعاة الأمور الآتية:
1. إن جسم الإنسان أمانة عنده لا يجوز له الإهمال فيه بل عليه أن يحافظ على هذا البناء الإلهي لتحقيق غاية وجوده في الدنيا.
2. إن الله تبارك وتعالى كرم الإنسان حيث قال: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر " وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان على هذه الكرامة لنفسه ولغيره ومن مقتضيات ذلك :
أ. حرمة بيع أعضاء الإنسان في حال حياته أو بعد وفاته.
ب. حفظ كرامة الإنسان أثناء العلاج وخلال نقل الأعضاء أو أثناء التداوي عامة.
ج. الالتزام بالأحكام الشرعية والآداب العامة في كل مراحل المرض والعلاج.
3. جواز التبرع بالأعضاء حسبة لله تعالى ومساعدة للآخرين من المرضى على استمرارية حياتهم والتخفيف من معاناتهم دون تأثير على المتبرع إن كان حيًًا مع مراعاة حرمة التبرع بما ليس له بديل في جسم الإنسان بل يكون التبرع من الأعضاء التي يوجد منها أكثر من عضو واحد في الجسم وتستمر الحياة طبيعية بما تبقى.
4. حرمة التبرع بالأعضاء ذات الحساسية المعينة كالأعضاء التناسلية أو أجزائها سدًا للذرائع ومنعًًا لتسرب الشك في النفوس حول الأنساب وحفاظًًا على العفة والطهارة والقيم النبيلة.
5. لا يجوز لأهل المتوفى التبرع بأعضائه أو جزء منها وفق المعايير المشار إليها، ويجوز للإنسان في حياته أن يوصي بالتبرع بأعضائه بعد وفاته وفق نفس المعايير والمحاذير الشرعية.
6. لا يجوز اللجوء إلى زراعة الأعضاء إلا إذا تعذر العلاج من خلال الأعضاء الصناعية أو أعضاء الحيوانات الأخرى ما عدا الخنزير لأنه نجس وعند العجز تستعمل الأعضاء البشرية وفق المعايير المشار إليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذي فتوى ثانيه :
السؤال
هل يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت وقد تذهب للكفار؟
الجواب
بالنسبة للتبرع بعد الموت بالأعضاء فهي من المسائل الحادثة، وقد تكلم فيه العلماء واختلف رأيهم حولها، وأعني حول أصل المسألة الذي هو حكم نقل الأعضاء من شخص إلى آخر، فذهب أكثر العلماء إلى جوازه، منهم الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – وصدرت فيه فتاوى من عدد من الجهات العلمية في العالم الإسلامي منها: المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد في ماليزيا، ومجمع الفقه الإسلامي.وهيئة كبار العلماء بالسعودية، ولجنة الإفتاء بالأردن والكويت ومصر والجزائر.أجازه هؤلاء بشروط معتبرة مراعاة للضرورات والمصالح التي منها حفظ حياة الناس وصحتهم، وخالفهم آخرون فمنعوا نقل الأعضاء ومنهم الشيخ محمد العثيمين، والشيخ الشعراوي، والشيخ الغماري عبد الله الصديق.والرأي الأول هو المختار لمسيس الحاجة إليه، وحرص الشرع على حفظ حياة الإنسان، وزوال ما يؤدي إلى الموت أو المعاناة والمرض، وعدم وجود دليل صحيح على منع نقل الأعضاء.لكن يراعى في ذلك الشروط المعتبرة، مثل: ألا يكون في ذلك ضرر بيّن على من أخذ العضو منه، وأن يكون بموافقته ونحو ذلك.
والله اعلم