وتكون باستضافتهم ، وحسن استقبالهم ، وإعزازهم ، وإعلاء شأنهم ، وصلة القاطع منهم .
وتكون- أيضا- بمشاركتهم في أفراحهم ، ومواساتهم في أفراحهم ، وتكون بالدعاء لهم ، وسلامة الصدر نحوهم ، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم ، والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم . وتكون بعيادة مرضاهم ، وإجابة دعوتهم .
وأعظم ما تكون به الصلة ، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر . وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورة .
أما إذا كانت الرحم سافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير ، وبذل الجهد في ذلك .
فإن أعيته الحيلة في هدايتهم- كأن يرى منهم إعراضا أو عنادا أو استكبارا ، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم ، ويهوي في حضيضهم- فلينأ عنهم ، وليهجرهم الهجر الجميل ، الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه ، وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب ، لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه .
ثم إن صادف منهم غرة ، أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة- فليقدم وليعد الكرة بعد الكرة .
ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب ، ونصحهم أن ينبه على مسألة مهمة في هذا الباب ، ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب ، والحرص على دعوتهم باللين ، والحكمة ، والموعظة الحسنة ، وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن ؛ لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم .
وذلك يرجع إلى عدة أسباب ، ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يولون هذا الجانب اهتمامهم ، ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك لأفلحوا في دعوة أقاربهم ولأثروا فيهم أيما تأثير .
ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم ، وأن يولوهم شيئا من الاهتمام ، والصلة ، والاعتبار ، ونحو ذلك مما يحببهم بالأقارب ، ويحبب الأقارب بهم .
كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها ، وعلمائها ، وأن تجلهم ، وتصيخ السمع لهم ، وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم ، والحط من شأنهم .
فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريا بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال ، ومراتب الفضيلة .