فن فهم مشاعر الطرف الآخر
لم يستطع أحد فهم تلك الإختلافات أكثر من الكاتب جون غرافي كتابه ( الرجال مختلفون والنساء كذلك ) لقد استطاع أن يصف حالات المودة و العطف التي تنشأ فيما بين الرجل والمرأة بشكل صُوري ,حينما قال إن الرجال شبيهون بشريط مطاطي , و إن النساء شبيهات بالأمواج .
إنه يشبه المرأة بالموجة , حينما تشعر بأن زوجها يحبها , فيسير شعورها بقيمة ذاتها صعودا تارة , وهبوطا تارة أخرى , كالموجة تماما وحينما تكون حالتها ممتازة جدا , فستبلغ في نقطة ما .. أقصى ذروة لمزاجها الممتاز ,غير أن مزاجها يمكن أن ينقلب فجأة , فينحدر نحو الهبوط , غير أن هذا الوضع مؤقت ومحدود زمنيا , وحينما تصل لأدنى درجة من درجات مزاجها , فسيبدأ المنحنى بالصعود مجددا فستعلوا الموجة من جديد.
( إن مقدرة المرأة على تبادل مشاعر الحب في إطار تعكس حالة شعورها بقيمة ذاتها ), فحينما تكون حالة المرأة ممتازة تماما , ولا تمانع في أن تعاني بعض الشئ , فهي مستعدة تماما لأن تتقبل وتقدر سلوك زوجها , أما حينما يكون مزاجها في أدنى درجاته, فمشاعرها هنا بغاية الحساسية وهي تحتاج للمزيد من الحب والتفهم , ويخشى الرجل عموما من حالات كهذه لدى زوجته ,لكونه لايعرف هنا كيف يمكن له أن يساعدها , فعجز الرجل هنا ينعكس ,إما في شكل عنف , أو في شكل تجاهل مصحوب بأمل عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه .
إنه لمن المهم جدا أن يفهم كل من الزوجين ما يحتاجه الآخر , وإلا فمن الممكن أن تنشأ للرجل هنا متطلبات لا يمكن أن تحققه المرأة ,فغالبا ما يكون الرجل منهمكا بمشاكله على نحو يجعله يعتقد دوما أنه السبب الأول والأخير لتغيير مزاج زوجته ,إنه يعتقد دوما أنه السبب الأول والأخير لما تبادله زوجته به من مشاعر إنه يظن أنه هو السبب المباشر في سعادتها أو شقائها .
يمكن أن ينتاب الرجل شعورا بالإحباط الكلي حينما يعجز عن معرفته ما يمكنه أن يفعل لتحسين مزاج زوجته ,أو حينما يشعر بأن أصابع الإتهام موجهة نحوه وأن عليه أن يدافع عن نفسه , إنه لا يستطيع أن يفهم مدى معاناة زوجته و بواعث تلك المعاناة .
كما هو الحال بالنسبة للرجل, فكذلك ينبغي بالنسبة للمرأة أن يتم الوصول أولا لنقطة معينة ,حتى يعود لديها الحال كما كان من قبل ,تحتاج المرأة عموما لمن يستمع إليها و يواسيها بمنتهى الصبر , بمعزل عن اي ضغوط خارجية ,إنها بحاجة لمن يبادلها مشاعر الحب والحنان
.
تحتاج المرأة لأن يمنحها زوجها مشاعر الحب والعطف والحنان , حينما تكون حزينة جدا على وجه الخصوص ,
يمكن أن يحصل أن تتجه الأمور نحو الأسوأ حين التحدث مع بعضهما البعض ,إنها تميل هنا بحكم طباعها لأن يسوء حالها , الأمر الذي يعني ,أنه من الضروري أن تصل من قبل إلى أدنى درجات مزاجها , حتى يتسنى لمنحى المزاج لديها هنا بالصعود من جديد ,كل نزول يليه بالضرورة صعود
أما هو فيأمل في كل مرة أن يكون هذا النزول لديها هو النزول الأخير , الذي لا نزول بعده ,كم سيكون مقدار خيبته فعلا, حينما يهبط مزاجها مجددا بعد أسايبع قليلة و حيث تكون مشاعرها وعواطفها هنا في أسوأ أحوالها , وحيث ستعود مجددا للحديث عن مشاكلها ومعاناتها القديمة, ويسعى الرجل هنا جاهدا لأن يكون تعامله مع زوجته أفضل ما يمكن , ومع ذلك فلا مفر بالنسبة لها , من الوقوع من حين لآخر , في أدنى درجات سوء المزاج .
أما حينما لا يفهم هو , أو لا يريد أن يفهم تلك الآلية الشبيهة بالموجة ,فهنا سيكون من الصعب حتما بالنسبة له أن يفهم مشاعرها , وأن يعمل على تحسينها حينما تسوء أحوالها ، أما حينما تشعر , في أوقاتها الحرجة تلك , أنها مشمولة فعلا برعاية زوجها وعنايته وحبه وعطفه إزاءها فستبدأ أحوالها تتحسن من جديد .
والشعور بالرعاية و الحماية هبة حقيقية كبرى , وهو أجمل ما يمكن أن تتسم به علاقة الحب المتبادل ,إن التقلبات المستمرة في أوضاعها ومزاجها , ستخف حدتها بالتأكيد , حينما يبادلها زوجها مشاعر الحب والحنان ,ويساعدها في محنتها ومعاناتها ,ومهما خفت حدة تلك التقلبات العاطفية , فهي بالتأكيد لن تختفي كليا !
.
يتقلب الرجل في سياق علاقته الزوجية فيما بين الأقتراب والأبتعاد , أما المرأة فتتقلب فيما بين أقصى حدة عواطفها و أدنى حدتها ,
هو يعمد إلى الإنزواء
أما هي فتقع في فراغات عاطفية قاتمة وكبيرة
غير أنهما يعودان فيلتقيان معا من جديد من خلال تفهم كل منهما للآخر بقلب كبير