بقلم
الدكتورة الصيدلانية إيناس القدومي
تعتبر الحساسية أحد أمراض العصر التي انتشرت بشكل كبير في الأونة الأخيرة، و الحساسية هي استجابة جهاز المناعة البشري عند التعرض الجسم لمسببات الحساسية أو الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم البشري عن طريق الجلد، التنفس، الجهاز الهضمي أو غيرها، وهذه الأجسام الغريبة هي غالبا غير ضارة و لا تسبب أي نوع من التفاعلات أو التهيج لغير مرضى الحساسية، IgE هي الأجسام المضادة في جهاز المناعة و التي تلعب دورا رئيسيا في اضطرابات الحساسية.
و أشهر مسببات الحساسية هي: حبوب اللقاح (الطلع)، الغبار، العفن، العطور و بعض أنواع الأغذية.
يتأثر الإنسان بالحساسية في أي عمر، فهي لا تقتصر على فئة معينة من الأعمار، في الغالب تصيب الأطفال و قد تظهر أعراضها في سن البلوغ. فمثلا الربو قد يستمر بعد البلوغ و لكن حساسية الأنف تقل مع تقدم العمر.
لماذا تصيب الحساسية بعض الناس و لا تصيب الأخرين، أو لماذا IgE المسؤول عن التفاعلات التحسسية يوجد عند البعض أكثر من غيرهم؟ ما هي العوامل التي تؤثر على ذلك :
1- الوراثة:
الوراثة هي العامل الواضح و من الأسباب الرئيسية للتأثر بالحساسية، حيث تتضاعف نسبة الإصابة بالحساسية إذا كان أحد الأباء مصاب بأحد أمراض الحساسية و تصبح النسبة أربعة أضعاف إذا كان كلا الأبوين مصابين بأحد الأمراض التحسسية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون الوراثة لنفس المرض و بنفس الشدة.
2- العامل البيئي:
و هنا يجب أن تكون قابلية وراثية للإصابة بالحساسية، فكلما زاد التعرض للعامل المسبب للحساسية و بشكل متكرر تزداد فرصة الإصابة بالحساسية.
3- عوامل أخرى تزيد نسبة الإصابة كالتدخين، التلوث، العدوى و الهرمونات.
و أجزاء من الجسم التي تكون عرضة لتفاعلات الحساسية هي العينين، الأنف، الرئتين، الجلد، والمعدة. و على الرغم من أن الأمراض المختلفة قد تظهر حساسية مختلفة، و لكن جميعها تحدث نتيجة استجابة جهاز المناعة.
الأمراض التحسسية الأكثر شيوعا تشمل التهاب الأنف التحسسي، الربو (الأزمة)، الشرى، الأكزيما التحسسية.
التهاب الأنف التحسسي (و قد تعرف باسم حساسية الربيع)
حساسية الأنف " أو حمى القش" وهو الأكثر شيوعا من أمراض الحساسية، ويشير إلى أعراض الأنف الموسمية التي تكون نتيجة التعرض لغبار الطلع.
حساسية الأنف الدائمة (على مدار السنة) عادة ما تكون نتيجة لمسببات الحساسية في الأماكن المغلقة، مثل عث الغبار، وبر الحيوانات، أو العفن. يمكن أيضا أن تكون ناجمة عن غبار الطلع.
الأعراض تنتج بسبب التهاب الغشاء المبطن للأنف بعد استنشاق المسبب للحساسية، الجيوب الأنفية ، الأذنين و الحلق قد تتأثر أيضا . الأعراض الأكثر شيوعا تشمل ما يلي:
1- سيلان الأنف
2- احتقان
3- حكة الأنف
4- العطس
5- حكة الأذن و الحنجرة
6- حكة و احمرار العيون
دائما يجب على من يعاني من التهاب الأنف التحسسي ( حساسية الربيع) أن يحاول تجنب التعرض للغبار و غبار الطلع في فترة الربيع لتخفيف الأعراض التي قد تنتج عن التعرض لها .
الأدوية التي تفيد في حالات التهاب الأنف التحسسي (حساسية الربيع):
أدوية الحساسية لا تعالج المرض و إنما تخفف من الأعراض الناتجة مثل سيلان الأنف، أو الإحتقان، و هذه الأدوية تشمل مضادات الهيستامين، مضادات الإحتقان، الستيرويدات القشرية و غيرها من الأدوية المركبة .
مضادات الهيستامين :
استخدمت مضادات الهيستامين منذ القدم لعلاج أعراض الحساسية ، و متوافرة على شكل أقراص ، بخاخ الأنف أو قطرة للعين .
بعض مضادات الهيستامين تشمل:
فيكسوفينادين (Fexofenadine)، ديفينهيدرامين (Diphenhydramine)، لوراتادين (Loratadine)، كلورفينيرامين (Chlorpheniramine)، سيتيريزين (Cetirizine)،ديسلورتادين (Desloratadine)، ليفوسيترازين (Levocetirizine)، أزيلستين (Azelastine) (و هو قطرة للأنف).
ألية عمل مضادات الهيستامين:
عند التعرض لعامل مهيج (مثل الغبار أو الطلع)، يستجيب جهاز المناعة و تقوم بعض الخلايا بإفراز الهيستامين، الهيستامين يسبب بعض أعراض التحسس كسيلان الأنف، الحكة ، الإحمرار و التورم و عند استخدام مضادات الهيستامين، فالأعراض الناتجة عن إفراز الهيستامين تقل.
أهم الأعراض الجانبية الشائعة الناتجة عن تناول مضادات الهيستامين:
مضادات الهيستامين قد تسبب: صداع، دوار، جفاف الفم، زيادة الوزن و اضطرابات الجهاز الهضمي.
بعض مضادات الهيستامين قد يسبب النعاس مثل (ديفينهيدرامين ، كلورفينيرامين) أما التي لا تسبب النعاس مثل (فيكسوفينادين، سيتيريزين، لوراتادين، ديسلورتادين، ليفوسيترازين) التي يمكن تناولها في أي وقت من النهار.
يفضل تجنبها أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية، و لا تستخدم في الأطفال.
و بشكل عام فإن مضادات الهيستامين أمنة و يمكن تناولها أثناء ظهور أعراض الحساسية و حتى قبل ظهور الأعراض في فصل الربيع و الألتزام بها طوال فترة الحساسية و التوقف عنها لاحقا فهي تساعد جدا في تخفيف الأعراض و بالتالي القيام بالأنشطة اليومية بشكل طبيعي.
مضادات الإحتقان:
تستخدم مضادات الإحتقان لتخفيف من أعراض الحساسية كإحتقان الأنف و تستخدم بالتزامن مع مضادات الهيستامين .
بعض مضادات الإحتقان مثل: سودوإفيدرين (Pseudoephedrine)، نافازولين (Naphazoline)، أوكسيميتازولين (oxymetazoline)، فينيليفرين (Phenylephrine).
و هي متوافرة بشكل بخاخ للأنف، قطرة للعين أو أقراص.
ألية عمل مضادات الإحتقان:
هذه الأدوية تسبب تضيق الأوعية الدموية، و تقلل من تدفق الدم لذلك تخفف من احتقان الأنف.
الأعراض الجانبية الأكثر شيوعا:
قد تسبب غثيان، صداع، عصبية، و أرق.
معلومات هامة حول مضادات الإحتقان:
– يفضل تجنبها في حالة الحمل أو الإرضاع.
– لا تستخدم في الأطفال.
– لا تستخدم لدى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط، مرضى الزرق، و مرضى القلب.
– بخاخات الأنف التي تحتوي مضادات الإحتقان لا تستخدم لأكثر من 3-5 أيام فهي قد تسبب عودة الإحتقان و تورم الأنف.
– هذه الأدوية لها الكثير من التفاعلات الدوائية و خاصة بعض أدوية الإكتئاب حيث يجب تجنب استخدامهما معا لمدة 14 يوما، لذلك يجب إخبار الطبيب أو الصيدلاني عن جميع الأدوية التي يتناولها المريض قبل استخدام مضادات الإحتقان.
الستيرويدات :
الستيرويدات، والمعروف طبيا باسم الكورتيكوستيرويدات ( الستيرويدات القشرية) و بين عامة الناس بالكورتيزون، تخفف الإلتهاب المرتبط بالحساسية، و تخفف من أعراض الحساسية مثل العطس، الحكة وسيلان الأنف بسبب الحساسية الموسمية أو على مدار السنة وتستخدم خاصة في حالات الحساسية الشديدة التي لا تنفع معها العلاجات الأخرى. تستخدم الستيرويدات لعدد من أمراض الحساسية مثل الربو أو حساسية الجلد.
تتوفر الستيرويدات بشكل بخاخ أنف ، قطرة العين أو أقراص أو حقن .
يوجد العديد من مشتقات الستيريدات ،بعض الستيرويدات: بيكلوميثازون (Beclomethasone)، بوديزونيد (Budesonide)، فلوتيكازون (Fluticasone)، ديكساميثازون (Dexamethasone)، هيدروكورتيزون (Hydrocortisone)، بريدنيزون (Prednisone).
ألية عمل الستيرويدات:
بشكل عام الستيرويدات هي من مضادات الإلتهاب، تقلل تشكيل و إفراز، ونشاط وسطاء اللالتهاب الداخلية مثل البروستاغلانديد، الهيستامين، الكينين و بالتالي تخفف من أعراض الحساسية.
الأعراض الجانبية الأكثر شيوعا:
الأرق، العصبية، زيادة الشهية، مشاكل الهضم، الغثيان، الصداع، والدوخة.
الستيرويدات فعالة للغاية في أمراض الحساسية، و خاصة الحساسية التي تكون أعراضها شديدة لا يمكن السيطرة عليها بالعلاجات الاخرى، و لكن بعض الناس يثيرون مخاوفهم من استخدام الستيرويدات و خاصة ما يعرف (بإبرة الحساسية) بسبب الأعراض الجانبية، و لكن استخدامها في وقت انتشار حساسية الربيع (لمدة قصيرة من الزمن) أو استخدام إبرة الحساسية مرة واحدة وقت انتشار الحساسية، تكون فعالة جدا لعلاج الحساسية و لا تسبب أعراض طويلة الأمد، و في كل الأحوال الطبيب هو الذي يقرر ما إذا كانت حالة المريض تستدعي استخدام الستيرويدات.
ملاحظات هامة حول استخدام الستيرويدات:
– يفضل تجنبه في الحامل أو المرضع، حتى بخاخات الأنف حيث لا توجد دراسات كافية حول أمان استخدامها.
– لا يستخدم في الأطفال
– لها العديد من التفاعلات الدوائية، يجب اخبار الطبيب اأو الصيدلاني عن كل دواء يتم تناوله.
– الإستخدام المطول يسبب قصور الغدة الكظرية، ولكن يمكن علاج ذلك من خلال التوقف التدريجي عن تناول الدواء و ليس مرة واحدة و خاصة إذا تم تناوله عن طريق الفم أو بالحقن.
طرق طبيعية لتخفيف أعراض الحساسية:
– محاولة تجنب ما يسبب أو يثير أعراض الحساسية كالغبار ، الطلع و عدم تربية الحيوانات الأليفة في المنزل إذا كان أحد الأفراد يعاني من الحساسية.
– محاولة ارتداء الكمامة الطبية على الأنف و الفم ، في فصل الربيع أثناء الخروج من المنزل.
– عدم فتح الشبابيك لتخفيف من دخول حبوب الطلع ، و تهوية المنزل عندما تكون كمية حبوب اللقاح هي الأدنى، في منتصف الصباح وفي وقت مبكر من المساء.
– الإستحمام دائما عند العودة للمنزل .
– محاولة البقاء في الأماكن المغلقة قدر الإمكان و تجنب الخروج ، للتخفيف من التعرض لحبوب الطلع.
– استخدام المحلول الملحي في الإستنشاق يخفف من الأعراض البسيطة.
– ممارسة التمارين الرياضية ، فالتمارين الرياضية على حد سواء تساعدك على التخلص من الإجهاد، ويكون لها تأثير إيجابي من تلقاء نفسها حيث تقلل شدة الحمى.
عند ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، تأكد انك تفعل ذلك عندما يكون عدد حبوب اللقاح منخفضة، في الصباح الباكر أو في وقت متأخر في المساء .
تاريخ اضافة المقال : الأحد 3 جمادى الأولى 1445هـ – 25 مارس 2024م