السؤال:
عندي سيارة أريد أن أحضر شخصا ليعمل عليها بالأجرة
فهناك طريقتين لذلك :
الأولى: أن أقول له خذ سيارتي واعمل عليها , وأريد منك مبلغ كذا , والباقي لك.
ومن نيتي إن لم يحضر هذا المبلغ لظروف العمل مثلا, أن أعطيه مايستحقه من الأجرة مهما كانت.
لأنني إن لم أقل له هذا فسوف يعمل ويسرقني !!, كما هو السائد من فساد الذمم هذه الأيام
ولي تجربة مع سائقين كثر كلهم يسرقني إن لم أشترط مبلغا معينا , ومبلغي هذا هو بمقدروه الحصول عليه من خلال العمل
الطريقة الثانية: أن أقول له أعمل على سيارتي والناتج بينا الثلثان لي ولك الثلث؟
وهذه الطريقة – قرأت عنها وعن شرعيتها- ولكنها لن تناسبني , فالعمال سيتكاسلون أو يسرقون مني خفية بعض المال , ثم يقولون: هذا ما ربحناه فاقسمه بيننا؟
فما قولكم؟
الجواب :
الحمد لله
الطريق الأولى تجوز على سبيل الإجارة ، فأنت تؤجر سيارتك على العامل بملغ معين ، ويترتب على ذلك أحكام الإجارة من جهة الصيانة والضمان .
فالعين المؤجرة ملك لصاحبها ترجع إليه عند انتهاء عقد الإجارة ، وعليه صيانتها طول المدة ، لأنه المالك لها ، وهي أمانة في يد العامل لا يضمن شيئا منها إلا إذا حصل منه عدوان أو تقصير .
ويلزم العامل دفع الأجرة سواء عمل أو لم يعمل ، وسواء ربح أو خسر ، فهي إجارة شأنها شأن سائر الإجارات .
والطريقة الثانية جائزة عند بعض أهل العلم وهم الحنابلة ، قياسا على المساقاة والمزارعة .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها ، وما يرزق الله بينهما نصفين أو أثلاثا أو كيفما شرطا : صح ، نص عليه في رواية الأثرم ومحمد بن أبي حرب وأحمد بن سعيد . ونقل عن الأوزاعي ما يدل على هذا .
وكره ذلك الحسن والنخعي ، وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي : لا يصح ، والربح كله لرب الدابة ؛ وللعامل أجر مثله .
ثم استدل ابن قدامة على جوازها بقوله : ولنا : أنها عين تُنمى بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها ، كالدراهم والدنانير ، وكالشجر في المساقاة ، والأرض في المزارعة .
وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة ، فقال : لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع ؛ لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر . وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز ؛ لشبهه بالمساقاة والمزارعة ، لا إلى المضاربة ، ولا إلى الإجارة .
ونقل أبو داود عن أحمد في من يعطي فرسه على النصف من الغنيمة : أرجو أن لا يكون به بأس . قال إسحاق بن إبراهيم : قال أبو عبد الله : إذا كان على النصف والربع فهو جائز . وبه قال الأوزاعي .
ونقل أحمد بن سعيد عن أحمد في من دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ، ويكون له ثلث ذلك أو ربعه ، فجائز ، والوجه فيه ما ذكرناه في مسألة الدابة .
وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها ، وله نصف ربحها بحق عمله ، جاز . نص عليه في رواية حرب .
وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثَمنه أو ربعه ، جاز . نص عليه . ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئا من ذلك ؛ لأنه عوض مجهول وعمل مجهول . وقد ذكرنا وجه جوازه " انتهى من "المغني" (5/7).
والله أعلم .
[/frame]