تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » نية الصائم وثواب عمله

نية الصائم وثواب عمله 2024.

نية الصائم وثواب عمله كيف نستعد وكيف نتجهز لشهر الصوم؟أما العوام فيستعدون بتجهيز المأكولات والمشروبات والمسلِّيات والأمور التي يضيعون بها الأوقات فتكون عليهم يوم القيامة حسرات ومصيبات فالذين يضيعون أوقات رمضان في المسليات والمسلسلات الهابطات سيقولون جميعاً يوم القيامة كما أنبأ الله {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} ولا تنفع الحسرة في ذلك اليوم ولا ينفع التوجع أو التألم في ذلك عندها لأن يوم العمل قد فات ويوم إعطاء الثواب أو العقاب هو الآت إذاً كيف يتجهَّز المسلم وكيف يتجهَّز المؤمن وكيف يستعد المحسن والموقن لشهر رمضان الكريم؟ أولاً يجرد نيته ويحضر سريرته ويُصفّي نفسه وقلبه لله ويُحدد لنفسه وجهة يطلبها من مولاه ويبتغي بعمله في شهر الصيام تحقيق ما أمّله من الله والفوز بما يرجوه من كرم الله وأقل المؤمنين عند الله شأناً قال فيه النبي {مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}[1] وقال البخاري في كتابه الأدب أَنَّ النَّبيَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فقَالَ {آمينَ آمينَ آمينَ. قيلَ: يَا رَسولَ اللَّهِ إنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ المِنْبَرَ قُلْتَ: آمينَ آمينَ آمينَ قال: إِنَّ جِبْرِيلَ أتَاني فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ: آمين} وفي رواية{ شقي من أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت: آمين} فالذي يدرك شهر رمضان ويوفقه الرحمن لحضور أيام شهر رمضان عليه أن يستحضر في نفسه وعليه أن ينوي في قلبه وعليه أن يجهز في سريرته من الآن لماذا يصوم شهر رمضان؟ فإذا كان يصومه للعادة المرعية كما يصوم الناس ولم يحدد لنفسه وجهة عند رب الناس فليس له أجر ولا ثواب عند الله لقول النبي{إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى}[2]ومن يصومه خوفاً من لوم من حوله ويتمنى في نفسه أن يذهب إلى مكان بعيد فيفطر فيه هذا يقول الرسول فيه {رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ }[3] لأنه يصوم عن غير اقتناع وعن غير رضا بأمر الله وعن غير محبة لتنفيذ شرع الله والله لا يعطى الثواب إلا لمن عمل العمل خالصاً ابتغاء وجهه {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} إذاً ماذا يفعل المسلم؟ ينوى من الآن أن يصوم شهر رمضان لينال في نهايته شهادة بالغفران من الحنان المنان فينوى الصيام لطلب المغفرة وينوى الصيام لمحو ذنوبه وستر عيوبه وتكفير سيئاته وزيادة حسناته عند الله وهذا هو الذي أخذ بوجه من قوله سبحانه في بيان حكمة الصيام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} لماذا يارب؟ وما الحكمة يا الله؟{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لكي تأخذ نصيباً من ميراث التقوى وينالك فضل من عطاء الأتقياء من الله وأقل نصيب للأتقياء وأدنى حظ للمسلمين والمؤمنين من عند الكريم يقول فيه النبي{ فَإذَا بَرَزُوا إلَى مُصَلاَّهُمْ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلاَئِكَةِ: مَا جَزَاءُ الأَجِيرِ إذَا عَمِلَ عَمَلَهُ؟ قَالَ: فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: إلهَنَا وَسَيِّدَنَا جَزَاؤُهُ أَنْ تُوَفِّيَهُ أَجْرَهُ قَالَ: فَيَقُولُ: فَإنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَهُمْ مِنْ صِيَامِهِمْ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِمْ رِضَايَ وَمَغْفِرَتِي وَيَقُولُ: يَا عِبَادِي سَلُونِي فَوَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَ تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ شَيْئاً فِي جَمْعِكُمْ لآِخِرَتِكُمْ إلاَّ أَعْطَيْتُكُمْ وَلاَ لِدُنْيَاكُمْ إلاَّ نَظَرْتُ لَكُمْ }[4] فينصرفون من بين يدي الله وقد غفر لهم ذنوبهم وأصبحوا بين يديه كما يحب تائبين طاهرين أنقياء أبرياء كما قال سبحانه في قرآنه {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} والذي يريد المغفرة ماذا يعمل من أجل أن يأخذ المغفرة في شهر رمضان؟ ينظر إلى أبواب المغفرة التي فتحها الله لعباد الله والتي بينها ووضحها سيدنا رسول الله فيأخذ بها جميعاً ولا يترك باباً واحداً منها عسى أن ينظر الله إليه وهو على هذا العمل فيمن عليه بمغفرته فعليه أن يصوم إيماناً واحتساباً وكلمة إيماناً يعني عن اقتناع يعرف حكمة الصيام ويتعلم الأسباب التي من أجلها فرض الله علينا الصيام سواء كانت أسباباً طبية أو أسباباً نفسية أو أسباباً اجتماعية أو أسباباً شرعية وإن لم يستطع أن يحصلها بنفسه يسأل فيها العلماء حتى يصوم عن اقتناع تام لأن الصيام فيه مصلحة عاجلة له في الدنيا في جسمه وفيه منفعة أكيدة له في الدنيا في نفسه وفيه أجر كبير في العقبى عند ربه فيصوم كما قال النبي في شأن هؤلاء {لَوْ يَعْلَمُ العِبَادُ مَا فِي رَمضانَ لتمنَّتْ أُمَّتِي أَنْ تَكونَ السَّنَةُ كُلُّها رمضانَ }[5] فالذي يعلم هذا الخير والذي يعلم هذا البر يتمنى أن يكون هذا الشهر طوال العام لا يتبرم منه ولا يشكو منه ولا يصدر منه في يوم من أيام الصيام كلمات من مثل ما يقوله بعض العوام لماذا طال اليوم هكذا؟ لماذا تأخر المغرب اليوم؟ لماذا طال هذا الشهر؟ كل هذه الكلمات عقوبات وحسرات على من يقولها لأن المؤمن علم الحكمة التي من أجلها فرض الله علينا الصوم فهو غني عن تعذيب خلقه بالجوع وخيره ملء أرضه وملء سمواته وليس في حاجة إلى صيام خلقه ليوفر النفقات أو يدخر الأقوات والأرزاق وإنما لمنافع عاجلة ومنافع آجلة يضيق الوقت بنا عن عدِّها وعن شرحها فالمسلم لابد أن يتعلمها حتى يصوم وهو راض عن أمر الله وهو راض عن شرع الله فيكون من الذين يقول فيهم الله {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} فإذا صام عن إيمان جعل صيامه احتساباً يعنى طلباً لما عند الله لا خوفاً من الخلق ولا إعجاباً من النفس ولا طلباً للشهرة ولا للسمعة وإنما الصيام عمل يدرب المرء على الإخلاص في المعاملة للملك العلام فالصوم سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله ولذلك لا يعطي الأجر والثواب عليه إلا الله فعندما ترتفع الملائكة الكرام بعمل الصائمين إلى الملك العلام فقد أعطاهم وهم الكرام الكاتبون قائمة بأسعار الحسابات الإلهية والأخبار الربانية لعبادات المسلمين في كل وقت وحين فينظرون إلى الصيام فلا يجدون فيما معهم من صحف أجره ولا ثوابه ولا فضله فيرفعون الأمر لله فيقول الله {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَىٰ سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللّهُ: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ}[6] فهو الذي يحدد الأجر ويحدد الثواب ويحدد المكافأة على حسب نيَّة المرء عند صومه لله فمن نوى بعمله المغفرة أعطاه الله المغفرة ومن نوى بعمله العتق من النيران أدرجه الله في كشوف العتق من النيران التي تنزل كل ليلة من ساحة الرضوان إلى ملائكة الرحمن مكتوب تحتها هؤلاء عتقاء الله في تلك الليلة من النيران عدد من في الكشف في كل ليلة سبعون ألفاً وفي ليلة الجمعة مثل باقي الأسبوع وفي آخر ليلة من شهر رمضان ينزل كشف جامع من عند الرحمن فيه مثل عدد ما أعتق الله في سائر الشهر فمن نوى بصيامه العتق من النيران أدرجه الرحمن في كشوفه ومن نوى بعمله أن يكرمه الكريم في ليلة القدر بدرجة من الدرجات العالية ومنزلة من المنازل الراقية كأن تسلم عليه الملائكة وتصافحه أو يحظى بالسلام من الأمين جبريل أو يتمتع في تلك الليلة برؤية النبي أو يحظى في هذه الليلة بسماع السلام بلا كيفية من حضرة السلام يعطيه الله على قدر نيته وعلى قدر سريرته وعلى قدر إخلاصه في قصده لله يعطي الله كل واحد على قدر نيته قال سيدنا سلمان الفارسي خطبنا رسول الله يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ شَهْرٌ مُبَارَكٌ شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَىٰ صِيَامَهُ فَرِيضَةً وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعاً مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّىٰ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ وَمَنْ أَدَّىٰ فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّىٰ سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ وَشَهْرٌ يُزَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِماً كَانَ لَهِ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَىٰ هذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِماً عَلَى مُذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِماً سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لاَ يَظْمَا حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ شَهْرٌ: أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ فَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ خَصْلَتَانِ تُرْضُونَ بِهَا رَبَّكُمْ وَخَصْلَتَانِ لاَ غِنَىً لَكُمْ عَنْهُمَا فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَتَسْتَغْفِرُونَهُ وَأَمَّا اللَّتَانِ لاَ غِنىٰ بِكُمْ عَنْهُمَا: فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ}[7] استعدوا لتجهيز نفوسكم وإعدادها لطاعة الله وتركها لما عنه نهى الله وتجهيز قلوبكم للإكثار من ذكر الله ولتلاوة كتاب الله وللإقبال على الأعمال الصالحة التي ترضى عنا الله واقطعوا أسباب القطيعة التي تجعل المرء إذا سأل لا يلبيه الله وإذا أطاع لا يقبل منه الله وأهمها عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام فمن عق والديه لا يقبل الله منه قليلاً ولا كثيراً محقاً كان أو مبطلاً ومن قطع أرحامه كانت الرحم هي التي تقف له بالمرصاد لأن { الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ } وقد وعدها ربُّ العباد عندما تعلقت بالعرش وقال {مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكَ قَطَعْتُهُ }[8] فصلوا أرحامكم وبروا آبائكم وأمهاتكم واطلبوا المغفرة فيمن أسأتم لهم من عباد الله المسلمين واطلبوا منه أن يسامحكم حتى ندخل على شهر الطاعة وشهر البركة وشهر الخير وليس بيننا وبين الله حجاب فإن الحجاب الذي يحجب الدعوة الصالحة عن الوصول إلى الله هو ما ذكرناه إما عقوق لوالديه أو قطيعة لأرحامه وإما إصراره على معصية وعدم رغبته في التخلي عنها فإذا تخلص المرء مما ذكرناه لم يكن بينه وبين الله حجاب إذا سأله أعطاه وإذا دعاه لباه [1] رواه البخاري في صحيحه و البيهقي في السنن عن أبي هريرة[2] متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب[3] رواه أحمد والدارمى في مشكاة المصابيح عن أبي هريرة[4] رواه ابن حبان في كتاب الثواب والبيهقى عن ابن عباس[5] مجمع الزوائد وجامع المسانيد والمراسيل عن ابن مسعود [6] رواه الدارمى في سننه وأحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وأبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة[7] رواه ابن خزيمة في صحيحه وأورده صاحب مشكاة المصابيح عن سلمان الفارسي [8] رواه البخاري وكثير غيره عن عائشة وأبى هريرة والحديث بتمامه {الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ: قَالَ الله مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ }منقول من كتاب [الخطب الإلهامية رمضان وعيد الفطر]http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=الخطب%20الإلهامية_المناسبات_ج 5_رمضان%20وعيد%20الفطر&id=39&cat=3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.