أختي متزوجة من 8 أشهر وتشتكي من عدم محبتها لزوجها وتريد الطلاق منه علماً بأنه من أفضل الشباب خلقاً وعلماً ، فسؤالي هنا : ماذا تنصحني في الإصلاح مثلاً أو إن كان لا يناسبهم إلا الطلاق ؟
الجواب : الحمد لله
ما دمت تذكر أن زوجها من أفضل الشباب خلقاً وعلماً ، فالنصيحة لها أن تصبر ، ولا تتعجل في طلب الطلاق ، فقد تتغير الأحوال إلى ما تحب .
وعليها أن تبحث في أسباب ذلك وتحاول علاجها ، فقد يكون ذلك بسبب بعض تصرفات زوجها ، أو انشغاله عنها ..
فتحاول معه شيئاً فشيئاً ، فقد يكون لا ينتبه إلى خطأ ما يفعله ، فيحتاج من ينبهه عليه .
وإذا كان في زوجها بعض الصفات أو التصرفات التي لا تحبها فينبغي أن تتحمل ذلك في مقابلة ما فيه من الخير الكثير، فإنه لا يوجد شخص كامل في كل شيء .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا يَفْرَكْ [أي : لا يبغض] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) . رواه مسلم (1469) .
قال النووي رحمه الله :
" أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا , لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُون شَرِسَة الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ نَحْو ذَلِكَ " انتهى .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" المراد من الحديث أن المؤمنة يحملها الإيمان على استعمال خصال محمودة يحبها المؤمن فيحتمل ما لا يحبه لما يحبه " انتهى .
وهذا الحديث ينطبق أيضا على الزوجة مع زوجها ، والصاحب مع صاحبه .
قال القاري رحمه الله في "مرقاة المفاتيح" (10 / 181) :
"فيه إشارة إلى أن الصاحب لا يوجد بدون عيب ، فإن أراد الشخص بريئا من العيب يبقى بلا صاحب ، ولا يخلو الإنسان سيما المؤمن عن بعض خصال حميدة فينبغي أن يراعيها" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"وهذا من الموازنة بين الحسنات والسيئات ، بعض الناس ينظر إلى السيئات والعياذ بالله فيحكم بها وينسى الحسنات ، وبعض الناس ينظر للحسنات وينسى السيئات ، والعدل : أن يقارن الإنسان بين هذا وهذا ، وأن يميل إلى الصفح والعفو والتجاوز ؛ فإن الله تعالى يحب العافين عن الناس ، فإذا وجدت في قلبك بغضاء لشخص فحاول أن تزيل هذه البغضاء وذكر نفسك بمحاسنه ، ربما يكون بينك وبينه سوء عشرة أو سوء معاملة لكنه رجل فاضل طيب محسن إلى الناس يحب الخير ، تذكر هذه المحاسن حتى تكون المعاملة السيئة التي يعاملك بها مضمحلة منغمرة في جانب الحسنات" انتهى .
وقال أيضا : "الحاصل : أن الإنسان ينبغي له أن يعامل من بينه وبينه صلة من زوجية أو صداقة أو معاملة في بيع أو شراء أو غيره أن يعامله بالعدل ، إذا كره منه خلقا أو أساء إليه في معاملة أن ينظر للجوانب الأخرى الحسنة حتى يقارن بين هذا وهذا ؛ فإن هذا هو العدل الذي أمر الله به ورسوله" انتهى .
هذا .. وقد قال الله تعالى :
(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 . وقال تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/ 19 .
فالإنسان لا يدري أين الخير له ؟ وكثيراً ما يأتي الخير من حيث يظن الإنسان أنه شر .
قال ابن القيم رحمه الله : "العبد لا يريد مصلحة نفسه من كل وجه ولو عرف أسبابها ، فهو جاهل ظالم ، وربه تعالى يريد مصلحته ويسوق إليه أسبابها ، ومن أعظم أسبابها : ما يكرهه العبد ؛ فإن مصلحته فيما يكره أضعاف أضعاف مصلحته فيما يحب" انتهى .
"مدارج السالكين" (2/ 205) .
فعليها أن تصبر وتدعو الله تعالى أن يوفق بينها وبين زوجها ويجمع بينهما في خير ، ولتستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقد يكون ما تجده من نفسها وسوسة منه ، وليس له سبب صحيح ، فإن الشيطان حريص على التفريق بين الزوجين .
نسأل الله تعالى أن يشرح صدرها وأن يجمع بينها وبين زوجها في خير .
والله أعلم.
[/frame]
وهذا شرف لي ووسام على صدري