من المسائل الإبتلائية التي يقع فيها الكثير من المؤمنين والمؤمنات ، مسألة النسيان لمتعلق النذر الواجب ، ولكن في البدء نقول ، ما هو تعريف النذر ؟
الجواب: عرف العلماء الأعلام دامت بركاتهم النذر: هو أن يجعل الشخص لله على ذمته فعل شيء أو تركه .
ولتسهيل فكرة النذر من الناحية الفقهية الشرعية ، ومن أجل تبيان الأحكام بطريقة ثقافية ومفهومة ، نتسائل:
هل النذر أنواع ؟
وإذا كانت الإجابة بنعم ، ما هي أنواع النذر ؟
الجواب: نستطيع أن نحدد النذر إلى ثلاثة أقسام:
:: القسم الأول/ النذر الزماني .
أي النذر المتعلق بالزمان المتعين ، كما لو تعين النذر بليلة بعينها كليلة القدر ، أو تعين بيوم كيوم الجمعة ، أو لمناسبة سعيدة كمولد أحد الأئمة الأطهار عليهم السلام .
:: القسم الثاني/ النذر المكاني .
وهو النذر الذي يتعلق بالذمة في حال وجوده في المكان المعين ، كما لو نذر الغُسل عند زيارة النبي صلى الله عليه وآله ، أو نذر بالصوم في حال التوفيق لزيارة الإمام الحسين عليه السلام والدخول إلى مرقده الشريف ، أو الصدقة عند الذهاب إلى البيت الجديد وما أشبه .
:: القسم الثالث/ النذر بالشرط المعلق .
ونقصد أن النذر يتعلق بالذمة مع حصول المراد بالنية ، وهذا النوع من النذر ، هو الأكثر ما يقع عند المؤمنين غالبا ..
فالرجل يعقد النذر بشرط الحصول على الوظيفة مثلاً .
والمرأة تعقد النذر بشرط الحمل والإنجاب مثلاً .
والفتاة تعقد النذر بشرط التيسير والزواج مثلاً .
والشاب يعقد النذر بشرط قبوله أو عند التخرج من الجامعة ، وهكذا الأمثلة كثيرة ..
وبهذا ندرك أن النذر من المسائل المهمة ، وجعلها الشارع المقدس من الديون التي يجب الوفاء بها ، ولا ينبغي العبث أو التسلية ، بل يجب الإلتزام بها .
إذن ما هي شروط إنعقاد النذر الصحيح ، وتعلقه بالذمة ؟
الجواب: حسب آراء الفقهاء نستنتج عدة شروط:
الشرط الأول: أن يُقصد بالنذر نية التقرب إلى الله تعالى .
لأن النذر أحد الوسائل التي يتقرب بها المؤمنون لتحقيق:
ـ القرب إلى الله .
ـ لقضاء حوائجهم .
ـ لشكرهم إياه على توفيقهم لما يحبه لهم ويرضاه .
الشرط الثاني: صحة صيغة النذر وإشتمالها لفظ (الله) .
وبهذا نفهم أن لصحة النذر صيغة محددة ، وليس شرطاً أن تكون باللغة العربية ، إنما يجب إشتمالها صيغة النذر على لفظ (الله) ، أو يؤدى هذا المعنى بأية لغة أخرى غير العربية ، كالإنجليزية والفارسية وو ، كما لا ينعقد النذر بالنية القلبية ، وأن الصيغة الصحيحة التي ذكرها العلماء ، بأن يقول الناذر (لله عليّ أن أفعل كذا) أو (لله عليّ نذر) .
ومع الأسف وجدت بعض الخطباء قد وقع في إشتباه بين شرط الصيغة لصحة النذر وبين الإتيان بها باللغة العربية ، مما يستلزم النطق بالحركات الإعرابية كالضمة والفتحة والكسرة ، ولا أحد من الفقهاء قال بذلك فتأمل .
الشرط الثالث: أن يكون النذر راجحاً شرعاً .
بمعنى أن النذر لا ينعقد بالحرام والمعصية ، فلو نذر بشرب الحرام مثلاً ، أو السرقة أو القتل ، أو كل مخالفة لأوامر الله تعالى ، فإن النذر لا ينعقد ولا يجب الوفاء به .
الشرط الرابع: القدرة على الوفاء بالنذر .
أي أن يمتلك الناذر القدرة على الإتيان بما نذر ، فلا يصح النذر من المريض غير القادر على الوقوف ، بالصلاة مثلاً 100 ركعة من قيام ، أو بالصوم للمريض ، أو بالصدقة بالمال الكثير لمن هو فقير .
من هنا ذكر العلماء الأعلام في الفقه الشرعي موردين ، قالوا أن صحة النذر ينعقد بالإذن لهما:
المورد الأول: صحة نذر المرأة المتزوجة بإذن الزوج .
ففي عدم تحقق رضا الزوج ، فالنذر باطل من الأساس ، ولكن هذا الحكم ليس بالمطلق ، إنما لا يصح نذرها فيما ينافي حق الزوج في الإستمتاع منها .
المورد الثاني: إذن الأب لصحة نذر الولد ، وقيل بإذن الأم أيضاً .
وقالوا في ذلك حسب الفتاوى ، لا يوجد عمر معين وأن تزوج الولد وأستقل بحياته عن والده .
وفي تصوري أنه قد وقع في هذه المسألة ، بعض الإشتباه ، فالمستفاد من الروايات ، هو أن للوالد الحق في إسقاط وإحلال الولد من تعلق النذر في ذمته ، لا أن يجب على الولد أن يأخذ الإذن من الوالد منذ البداية فتأمل .
أما لماذا هذه الصلاحية للوالد ؟
الجواب: في رأيي هناك أربعة إحتمالات وهي ..
الإحتمال الأول: هو ربما تكريم من الدين الإسلامي للوالد .
الإحتمال الثاني: ربما من أجل ربط الولد بوالده طول العمر .
الإحتمال الثالث: أن رؤية الوالد لواقع الولد ، ومن تجربة الحياة ، ربما هي أفضل من حيث النضج والحب والمصلحة .
الإحتمال الرابع: ربما هو رحمة من الدين الإسلامي للأولاد ، ومخرج شرعي من وجوب النذر عليهم وإفراغ الذمه .
وكيف كان نأتي للسؤال المهم والأساس لهذه المشاركة :
السؤال: ما حكم من نسي النذر المتعلق عليه ؟
أي ماذا يفعل من نسي النذر ؟
الجواب: إذا علمه ضمن محصور فيجب الإتيان به إن أمكن ، وإلا فبالممكن ، وإذا نسي الوفاء وكان موقتا فلا شيء عليه ، إلا في نذرالصوم فيجب قضاؤه وكذلك الصلاة علي الأحوط .
::: آية الله المرجع السيستاني :::
الجواب: إذا كان هناك مقدار مشترك للمنذور كما مثلا إذا دار الأمر بين 10 ريالات و12 ريال يكفي أن يدفع المتيقن وهو العشرة ، وأما إذا كان على نحو التباين ـ الإختلاف ـ فالأحوط الجمع بينهما كما إذا دار الأمر بين أن يكون المنذور عشر ريالات والصلاة ، وإذا كانت الإحتمالات كثيرة وغير محصورة فلا تكليف عليه ، وأما إذا نسي المنذور مطلقاً فلا شيء عليه .
::: آية الله المرجع الخامنئي :::
الجواب: في الفرض المذكور يأتي بما يتذكّره من أصل النذر دون التفاصيل ، نعم لو كان قد نساه بالمرّة فلا شيء عليه سوى الإستغفار .