روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها; أن النبي صلى الله عليه وسلم; قال :
( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )
رواه أحمد وغيره وعلقه البخاري.
وثبت في «الصحيحين» عن أبي هريرة رضي الله عنه; قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر)
[البخاري ومسلم].
وفي «الصحيحين» أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:
( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى )
[البخاري ومسلم].
من هذه الأحاديث وما جاء بمعناها أخذ الفقهاء الأحكام التالية:
* مشروعية السواك
وهو استعمال عود أو نحوه في الأسنان واللثة، ليذهب ما علق بهما من صفرة ورائحة.
وقد ورد أنه من سنن المرسلين [أحمد والترمذي]; فأول من استاك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مطهرة للفم; أي: منظف له مما يستكره، وأنه مرضاة للرب; أي: يرضي الرب تبارك وتعالى، وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مائة حديث، مما يدل على أنه سنة مؤكدة، حث الشارع عليه، ورغب فيه، وله فوائد عظيمة، من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث: أنه مطهرة للفم مرضاة للرب.
ويكون التسوك بعود لين من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها مما لا يتفتت ولا يجرح الفم.
ويسن السواك في جميع الأوقات، حتى للصائم في جميع اليوم، على الصحيح، ويتأكد في أوقات مخصوصة; فيتأكد عند الوضوء; لقوله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي; لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) فالحديث يدل على تأكد استحباب السواك عند الوضوء ويكون ذلك حال المضمضة; لأن ذلك أبلغ في الإنقاء وتنظيف الفم، ويتأكد السواك أيضا عند الصلاة فرضا أو نفلا; لأننا مأمورون عند التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة; إظهارا لشرف العبادة، ويتأكد السواك أيضا عند الانتباه من نوم الليل أو نوم النهار; لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل; يشوص فاه بالسواك، والشوص: الدلك، وذلك لأن النوم تتغير معه رائحة الفم; لتصاعد أبخرة المعدة، والسواك في هذه الحالة ينظف الفم من آثارها، ويتأكد السواك أيضا عند تغير رائحة الفم بأكل أو غيره، ويتأكد أيضا عند قراءة قرآن; لتنظيف الفم وتطييبه لتلاوة كلام الله عز وجل.
وصفة التسوك أن يمر المسواك على لثته وأسنانه; فيبتدئ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر، ويمسك المسواك بيده اليسرى.
* ومن المزايا التي جاء بها ديننا الحنيف خصال الفطرة
التي مر ذكرها في الحديث، وسميت خصال الفطرة; لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله عليها العباد، وحثهم عليها، واستحبها لهم; ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها، وليكونوا على أجمل هيئة وأحسن خلقة، وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع،
وهذه الخصال هي:
1 – الاستحداد:
وهو حلق العانة، وهي الشعر النابت حول الفرج، سمي استحدادا; لاستعمال الحديدة فيه، وهي الموسى، وفي إزالته تجميل ونظافة; فيزيله بما شاء من حلق أو غيره.
2- الختان:
وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تبرز الحشفة، ويكون زمن الصغر; لأنه أسرع برأ، ولينشأ الصغير على أكمل الأحوال. ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المتحقنة في القلفة وغير ذلك من الفوائد.
3- قص الشارب وإحفاؤه :
وهو المبالغـة في قصه; لما في ذلك من التجميل والنظافة ومخالفة الكفار. وقد وردت الأحاديث في الحث على قصه وإحفائه وإعفاء اللحية وإرسالها وإكرامها; لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة، وقد عكس كثير من الناس الأمر; فصاروا يوفرون شواربهم ويحلقون لحاهم أو يقصونها أو يحاصرونها في نطاق ضيق; إمعانا في المخالفة للهدي النبوي، وتقليدا لأعداء الله ورسوله، ونزولا عن سمات الرجولة والشهامة إلى سمات النساء والسفلة
4- ومن خصال الفطرة: تقليم الأظافر
وهو قطعها; بحيث لا تترك تطول; لما في ذلك من التجميل وإزالة الوسخ المتراكم تحتها، والبعد عن مشابهة السباع البهيمية، وقد خالف هذه الفطرة النبوية طوائف من الشباب المتخنفس والنساء الهمجيات; فصاروا يطيلون أظافرهم; مخالفة للهدي النبوي، وإمعانا في التقليد الأعلى.
5- ومن خصال الفطرة: نتف الإبط
أي: إزالة الشعر النابت في الإبط -، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غير ذلك، لما في إزالة هذا الشعر من النظافة وقطع الرائحة الكريهة التي تتضاعف مع وجود هذا الشعر.
أيها المسلم!
هكذا جاء ديننا بتشريع هذه الخصال; لما فيها من التجمل والتنظف والتطهر; ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل مظهر; مخالفا بذلك هدي المشركين، ولما في بعضها من تمييز بين الرجال والنساء; ليبقى لكل منهما شخصيته المناسبة لوظيفته في الحياة، لكن; أبى كثير من المخدوعين، الذين يظلمون أنفسهم، فأبوا إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستيراد التقاليد التي لا تتناسب مع ديننا وشخصيتنا الإسلامية، واتخذوا من سفلة الغرب أو الشرق قدوة لهم في شخصيتهم; فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، بل استبدلوا الخبيث بالطيب، والكمال بالنقص; فجنوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم، وجاءوا بسنة سيئة، باءوا بإثمها وإثم من عمل بها تبعا لهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم وفق المسلمين لإصلاح أعمالهم وأقوالهم، وارزقهم الإخلاص لوجهك الكريم، والتمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم