حين مات وضم رفاته قبر .. وجفت عليه الدموع وملأت خطاه أكاليل الزهور ..
ظن أن موته سينقله للجنة .. يسكنها فيعيش فيها ربيعا لا ينتهي ..
وأصبح يتجول كل ليلة هناك ليلتقي بأصحابه الذين سبقوه ..
لكنه وجد المقابر خالية .. فالموت أخلف موعده معهم فلا زالوا ينبضون قلما ويفترشون صفحاتهم البيضاء ..
خفت وقتها أن أعلن الموت فتتمرد عليّ كل الطيور البيضاء و تنسى حروفي الغناء وتهجرني حزنا عليه
وها قدعاد شبحا يعبث بكل شيء .. تقوده نفسه التائهة بين أمواج من الذكرى إلى زفرة كأنها أهة
يردد كل مساء..
(للحب أنفاس خفية كأنها الحياة )
فكيف لي أن أكتب قصة الموت ألخصها في سطور غارقة في خضم لهيب لا ينطفئ ..
أأكتب نفسي أم أكتبه؟
فليعذرني …كل الذين انتظروا طويلا على باب الشوق الموصد.. كل الذين انتصروا على الموت ..
وليعذرني أيضا كل الذين تمتموا بأذكارهم ليطردوا الشبح القادم فما هي إلا روح ظامئة لعبير الحياة
روح تكاد تتمزق بين قوتين كالمد والجزر ..
كسفينة تتقاذفها الأمواج العارمة فقد ربانها السيطرة عليها .. فيتقاذفها طوفان الحب لتغرق ..
وليعذرني الذين اعتبروا الوجود والغياب سيان ورددوا: ما كان إلا حرفا ..
أو دما مسفوحا على أرض اعتادت الدماء .. وصفحة عابرة لشخص عابر ….
فقد عاد شبحا .. خرج من قصائدك ليلا .. ليلقاك ..
فلتعلم أيها الربيع أني أستطيع أن أصنع من وجودي هنا ألف ديوان شعر ..
لكن ألف ديوان لن يصنع لي مثلك ..
فمن أجلك أصنع جنة هنا نعيش بها معا ..
أريد أن نلتقي فقط
ليس لقاء حقيقيًا
أن نلتقي في مكان
لا نحمل معه أسئلة
ولا نحتاج فيه أن نتكلم
أريد أن تكملني أنت، كيفما أبتدئ
وأن أختمك، مهما كانت بدايتك
لا أريد طرفي مقامة أو أبيات قصيدة منظومة
أريد أن نختلط كفاكهة ربيعية ناضجة
حيث لا يكون طعم دون الآخر
ولا نعرف إلا لونًا واحدًا
لا أريد أن أخلق مكانًا لك لتكون
ولكن أريد أن نكون معاً بلا أمكنة أو فواصل أو حدود
شخصاً واحداً وروحاً وحيدة
الناس تأتي بألوان عدة
وأنا أريدنا لوناً واحداً
كن هكذا، ولن أعود حزيناً أبداً..
ولن أموت …
–