أضراس العقل هي آخر الأسنان التي تظهر في فم الإنسان، واقترن اسمها بالعقل لأنها في العادة لا تبدأ في الظهور إلا في مرحلة متأخرة من سن المراهقة وقد لا ينتهي نموها بشكل كامل حتى العشرينيات من العمر أي في المرحلة التي يكتمل فيها النمو والنضج العقلي للإنسان. وتظهر أضراس العقل لدى كل منا في نهاية الفك من الجهات الأربعة بواقع ضرس في كل ركن.
وقد نتساءل: ما أهمية هذه الأضراس؟
وجد الباحثون أن الحكمة خلف نمو هذه الأضراس قد تكون في سد الفراغات التي تتواجد بين الأسنان وبعضها والتي قد تتراكم فيها البكتريا وبقايا الأطعمة فتسبب تسوسا للأسنان.
لكن للأسف لا تنمو أضراس العقل بشكل طبيعي كبقية الأسنان إلا لدى نسبة قليلة من الناس وفي هذه الحالة يستخدم هؤلاء ضرس العقل كبقية الأسنان بدون أي أعراض سلبية.
أما الغالبية العظمى من الأشخاص، فيعانون من مشاكل جمة عند توالي ظهور هذه الأضراس، فقد تنمو جزئيا ولا تجد مساحة كافية للظهور بشكل كامل نتيجة لازدحام الأسنان في الفك، وهنا قد يتسوس ضرس العقل وهو مدفون داخل اللثة أو يصاب صاحبه بآلام رهيبة نتيجة التهاب أنسجة الفم المحيطة بالضرس. أو قد ينمو ضرس العقل بشكل غير منتظم فينغرس في لحم الفم من الداخل ويسبب آلاما لصاحبه كلما تكلم أو تناول طعاما، بل إن مجرد مضغ علكة قد يصبح معاناة في هذه الحالة.
ولأن الإنسان بطبعه لا صبر له على الألم، فقد تسارعين إلى طبيب الأسنان مطالبة بخلع ضرس العقل بمجرد أن تشعري بمشاكل جراء نموه غير الطبيعي.
لكن إذا سألت خبراء الأسنان المشهود لهم بالخبرة والكفاءة قبل الإقدام على مثل هذا التصرف، فقد ينصحونك بالاحتفاظ بضرس العقل وعدم اللجوء لخلعه إلا في الحالات القصوى، وذلك لأن الخلع في هذه الحالة لا يكون في مثل سهولة خلع أي سن أو ضرس آخر نظرا لأن أضراس العقل غالبا تنمو بأوضاع صعبة وغير طبيعية وتكون لها جذور طويلة وعميقة، لذا فخلعها يستلزم في الغالب إجراء جراحة وخضوع المريض لتخدير كلي قوي.
وهنا تكمن المشكلة، فأجسام المراهقين تكون في الغالب ضعيفة لم يكتمل نموها بعد، والكثيرون منهم لا يتحملون الخضوع للتخدير بشكل عام وقد يتعرضون لتداعيات خطيرة بعد إجراء الجراحة بنجاح، ففي بعض الأحيان قد لا يستفيق المريض مرة أخرى ويدخل في غيبوبة نتيجة نقص كمية الأكسجين التي وصلت للمخ أثناء عملية التخدير، وقد يتوفى لا قدر الله.
لذلك فعند إجراء مثل هذه الجراحات يجب أن يقوم الوالدان بتوقيع تعهد بعدم مسئولية المستشفى في حالة حدوث أي مضاعفات للمراهق. وقد سُجلت حالات أخرى استفاق فيها المريض المراهق بشكل طبيعي بعد إجراء عملية لخلع ضرس العقل، وعاد إلى منزله، ثم وجد ميتا في فراشه بعدها بثلاثة أيام دون أي أسباب معروفة. وفي مواقف أخرى أصيب المريض بتلف دائم في الأعصاب أو بتلوث في الأنسجة.
ونسبة تعرض المراهق أو المراهقة لمضاعفات خطيرة عقب جراحة استئصال ضرس العقل قدرت بأقل من 1% لكن هذه النسبة رغم انخفاضها الكبير ليست هينة أبدا لأنها تعني أن المخاطرة قائمة خاصة في هذه المرحلة السنية.
ورغم أن طبيب الأسنان قد يوصيك بشدة بالتخلص من ضرس العقل النامي بشكل غير طبيعي لتجنب أي مشاكل قد يسببها لك مستقبلا، فإننا ننصحك بالتفكير مرة أخرى وعدم التعجل في إجراء مثل هذه الجراحات إلا في الحالات القصوى، وبعد استنفاد طرق العلاج الأخرى بالمسكنات أو المضادات الحيوية التي يصفها لك الطبيب المختص.
وربي يسسعدكك
دمتي لنا
نورتيني والله
وعاشت الأيادي
تحياتي . .