حوار
حوار بين شخصٍ وضميره ( القلب ) .
يدور الحوار بين طالبين : ( الأول يُمثّل الشخص ، والآخر يُمثل الضمير )
الطالب : أنتِ أيتها المضغة العجيبة ، التي لايتجاوز حجمك قبضة يدي ؛ليتني أفهمك أو أعرف سرك .
الضمير : ماذا دهاك …وعن أي سر تتحدث..؟ أنا واضح وبلا غموض .
الطالب: آه …يا قلبي ، يا مقرّ وجداني ومشاعري ..ألست سبب صلاحي وفسادي ، وسبب سعادتي وشقائي ..؟
الضمير : نعم .. قد أكون سببًا بعد إرادة الله عز وجل ، ولكن ؛ لستُ الملوم الوحيد في ذلك ، فأنت المسئول عن حالك .
الطالب : كفاك مراء وهراء …أنت وبلا شك فاسد ، وقاسٍ جدًا ، لقد أشقيتني وأقلقتني .
الضمير : ماذا دهاك .. وماذا هناك ؟ أراك قد أكثرت علي اللوم ، وبدأت تنهرين .
الطالب : دعك يا قلبي من هذه الكلمات ؛ فأنت قاسٍ حقا ، وأشكو إلى الله قسوتك .
الضمير: يا سبحان الله ..عجيب أمرك كله ؛ إنك تثرثر ، وقد برّأت نفسك ،
وجعلتني المتهم الوحيد .. إنّك بهذا تخادع وتمكر !! .
الطالب : كفاك يا هذا من تزيين الكلام ، وتحسين البيان ، لقد فهمتك .
الضمير : أأنت تفهم؟ ليتك حقا تفهم .
الطالب : عجبًا من أفكارك ؛ كل كلمة من كلماتك تزيدك قسوة وغفلة .
الضمير : والله ما زادني قسوة إلا أفعالك ، فأنت الذي تسير بي إلى الحرام ، وإن سرتَ سرتُ معك
الطالب : تمهل ..تمهّل أيها القلب ؛ فما تقوله كله هراء ، أجل هراء .
الضمير : إلى متى التمهل ؟ لقد سئمت..لقد مللت..أحرقتني ذنوبك ، وأوجعتني معاصيك ..
لقد أهملتني حتى في صلاتك ، في قراءتك ، في زكاتك ، و كل عباداتك تؤديها دون حضوري ،
وتعجل فيها دون أن تبحث عني .
الطالب : ولكن أين أنت مني في كل هذا ؟ لم تدفعني ، ولم تمنعني ؟
الضمير : مثلك يجب أن يطأطئ رأسه . قول لي بالله عليك : هل سجدت ودعوت لي بالرقة والصلاح ؟
هل ألححت يوما على الله في السؤال لي بالخشوع والخضوع ، أم أنك تلهو في الحياة ناسيًا
متناسيًا الحساب والعقاب ؟
الطالب : رويدك يا قلبي ..فلقد أغفلتني ونسيتني .( بصوت متزعزع )
الضمير : اعلم أيها الغافل أنّك لم تحاول أن تعلّقني بربي ، وعلّقتني بغيره ،
فزادني ذلك قسوةً وغلظة ، ركضت خلف الدنيا وغفلت عن ذكر ربّك ، فعشتُ معك في وحشة وغربة ،
وبعد كلّ ذلك تقول لي : رويــــــــدك ؟!!!
الطالب : ( وقد جعل رأسه إلى الأرض خجلاً وندمًا ) :
قلبي الحبيب : إنّي أعترف بخطئي ، وأرجوك أن تسامحني وأعدك ألا أعود إلى ماكنت عليه ،
وسأبدأ صفحة جديدة من حياتي …
لقد علمت جهلي وإعراضي ، فسامحني ، سامحني …يرتل قوله تعالى :
(( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبلنا وإن الله مع المحسنين ))
حسنًا ..هلاّ كنتَ لي عونًا في صلاح شأني ، وقوة أمري ، وأعدك أن أسير بك إلى الخير أينما كان ،
وابتعد بك عن الشرّ حيثما وقع
الضمير : نعم ، أمامنا عام جديد ، سنشغله بالطاعات لتفتح لنا أبواب الخيرات ،
فسرّ وسأسير معك ، وإلى خيرٍ إن شاء الله ، ومغفرة من رب السموات ، فإلى الجنّات ، إلى الجنّات .