يصح فى جواب من سأل فقال : من هو الله ؟ أن يُجاب : هو الرحمن الرحيم ، كما قال الحق تبارك وتعالى : ( هو الله الذى لاإله إلا هو الرحمن الرحيم ) الحشر 22 . و " الرحمن الرحيم " اسمان من أسماء الله تعالى المشتقتان من الرحمة، أحدهما أرق من الأخرى كما قال بن عباس رضى الله عنهما ، وكما أن " الرحمن الرحيم " اسمان من أسمائه فهما صفتان من صفاته ، يُثنى عليه بهما ، ويُمَجَّدْ بهما ، ويُعظم بهما سبحانه وتعالى : ( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم ) قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن العبد إذا قال ( الحمد لله رب العامين ) ، قال الله : حَمِدَنى عبدى . فإذا قال ( الرحمن الرحيم ) ، قال : ( أثنى على عبْدى ) .
ولقد ورد اسم " الرحمن " فى القرآن سبع وخمسين مرة ، أما إسم الرحيم فورد ذكره فى القرآن مائة وأربع عشرمرة .
ولقد أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى أن رحمته وسعت كل شئ ، قال : ( فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ) ولسعتها وسعت كل شئ ، قال تعالى : ( ورحمتى وسعت كل شئ ) وهى لسعتها وكمالها كأنها الرحمة التى لارحمة غيرها ( وربك الغنى ذو الرحمة ) .
فيامعشر المؤمنين اقرءوا القرآن فإنه رحمة للمؤمنين ، فكم نحتاج لرحمة الله عزوجل ، وكم من ذنوب اقترفناها وكم من معاص وسيئات اجترحناها ، مع ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس ، كم نحتاج لهذه الرحمة وبين أيدينا أحد هذه الرحمات ، ومع ذلك لا نلجأ إليها ولانلوذ بها ، وهى قراءة القرآن ؛ فلقد جعل الله عز وجل القرآن رحمة ، وجعل بقراءته تتنزل على المؤمنين الرحمة ، فهو فى ذاته رحمة وسبب لتنزل الرحمة .
ولقد سماه الله فى القرآن رحمة فى غير ما آية : قال تعالى : ( ولقد جئتكم بكتاب فصًّلناه على علم هُدًى ورحمة ًلقوم يؤمنون ) الأعراف 52 .
وقال تعالى : ( هذا بصائر من ربكم وهُدًى ورحمة لقوم يؤمنون ) الأعراف 203 . ولقد عرفنا الله سبحانه وتعالى بالطريق التى يُنال بها رحمته ، ومن ذلك : اتباع القرآن ، والعمل به ، والإستماع لقراءته . قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مُبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) الأنعام 155 . وقال تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) الأعراف 204 . فانظر كيف كانت القراءة للقرآن والإستماع له بإنصات سببا للإنتفاع به عند تدبر آياته وما فيها من الحِكـَم والمصالح ، وكيف يؤدى إلى رحمة الله عزوجل ؛ بامتثال أمر الله عزوجل والإستماع لآياته . وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عيه وسلم : " مااجتمع قوم فى بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ؛ إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده " مسلم 2699 .
اللهم ارحمنا بالقرآن رحمة من عندك تغنينا بها عن رحة من سواك .
وقال تعالى : ( وما كنت ترجوا أن يُلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك ) القصص 86 .
هيا بنا فلنتراحم بالقرآن ، ( لمغفرة من الله ورحمة خيرٌ مما يجمعون ) .