بنات البادية يبالغن في الموضة وآخر صيحة لديهن"ماكياج البراقع"
جدة: نجلاء الحربي
تختلف السيدات اللاتي يقمن في المدن عن السيدات اللاتي يقمن في قرى البادية, من ناحية اختيار الملبوسات والإكسسوارات والاهتمام بالموضة، فقد تعودت السيدات اللائي يقمن في المدن على اتباع كل جديد تأتي به الموضة، وهن حريصات على الأخذ بآخر صيحات التسريحات والميك أب وسواه.
أما السيدة البدوية أو تلك التي تقيم في القرى النائية والبعيدة عن الوهج الحضاري فإن لها ذوقها الجمالي الخاص, وهناك من باتت تنافس بنت المدينة في اللهاث خلف بريق الموضة، وفي معرفة أدق تفاصيلها, خصوصا وأن العالم أصبح يدعى بالقرية الكونية الصغيرة.
ومع هذا فإن أستاذ علم اجتماع بجامعة الملك سعود في الرياض الدكتور محمد العتيبي يرى أن المدينة هي الأكثر قربا من الحضارة, وبالتالي فإن فتيات المدينة أكثر ثقافة ووعيا وحضارة من فتيات القرى، الأمر الذي يجعلهن على معرفة تامة بمستجدات العصر، خصوصا تلك المتعلقة بالناحية الجمالية وبالموضة على وجه التحديد.
ويرى الدكتور العتيبي أن الموضة في حياة بنت المدينة شيء أساسي، بعكس بنت البادية التي لا تعير هذا الجانب اهتماما كبيرا، ويتضح ذلك جليا في قصور الأفراح , فالفتاة التي تسكن المدينة تهتم كثيرا بمظهرها، وتبدي حرصا عاليا وكبيرا في اختيار الألوان المناسبة، كما تبدي حرصا لكي يكون لبسها متناسقا, وهذا يعود لقربها من مصادر انتشار الموضة, أما في القرى وخصوصا تلك التي ما زالت ممعنة في بداوتها, فإن الفتاة ليست معنية كثيرا بهذه الأمور.. فهي بسيطة في لبسها وأناقتها، وذلك انسجاما مع بساطة الحياة التي تعيشها.
وتسرد نسرين الراجح ( كوافيرة) حكايتها مع الموضة في القرى قائلة "في قرى تبعد عن جدة 300 كيلو وجدت فرقا شاسعا بين المرأة في المدينة والمرأة هناك, فهؤلاء السيدات يطلبن الميك أب ذا الألوان الفاتحة،بشرط أن تكون رسمة العين واسعة وكبيرة، والتسريحات تختلف تماما عن التسريحات في المدن، فالكثير منهن تطلب التسريحة المرتفعة للأعلى, ويكون جزء من الشعر مفرودا من الخلف, وهن يبالغن كثيرا في استخدام الإكسسوارات، ومع ذلك فإن الكثيرات منهن يلبسن البرقع في الأفراح، على الرغم من وضع الميك أب والتسريحات المكلفة وعلى أحدث موضة، وثمة برقع لكل مناسبة, فهناك برقع للخروج وبرقع للأفراح وبرقع للبيت.
وقالت عبير. ح (كوافيرة) "كثيرًا ما أخرج للعمل خارج مدينة جدة، وخاصة في القرى البعيدة، فأجد اختلافا واضحا بين الفتيات في المدن والفتيات في القرى, فهؤلاء الأخيرات يطلبن في الأفراح الميك أب الذي نعتبره صارخ الألوان مثل البرتقالي والأصفر وغير ذلك من الألوان، وهن لا يفضلن الألوان الهادئة، وبالنسبة للتسريحات أيضا فهن يبالغن فيها، ولديهن ميك أب معروف باسم"ماكياج البراقع" الذي يعتمد على رسم العين بطريقة واسعة، ووضع الظل الفاتح، وكثيرا ما نصادف مواقف محرجة معهن, فهناك فتيات يطلبن أن أضع لهن ميك أب، ومع هذا يرفضن أن يخلعن عنهن البرقع،فهن اعتدن على عدم خلعه حتى في البيت، وقد ذكرت لي إحداهن أنها لم تخلع البرقع طول فترة زواجها، وحينما أقوم بإقناعها بخلع البرقع عن وجهها تشعر بالإحراج الشديد، وإن أبدت موافقة، فإنها تظل طول الوقت خافضة رأسها نحو الأرض، وبالتالي أواجه الكثير من المصاعب معهن، ولكن وجدنا أن السيدات في هذه القرى ليس لديهن أي مانع من دفع أي مبلغ، بشرط أن تكون الواحدة متفوقة على السيدات الأخريات الحاضرات من حيث الميك أب والتسريحات, وذلك جراء التنافس الذي بينهن.. ومن المواقف الطريفة التي حصلت لي حيث كنت في قرى تبعد عن مدينة الطائف 150 كيلو، وبعد عمل الميك أب للسيدات والتسريحات تعرضنا للطرد, وانتظرنا عند باب المنزل حتى عاد السائق لأخذنا.
وقالت منى – ص (مغنية في الأفراح)" كثيرا ما أخرج لإقامة الأفراح خارج مدينة جدة، وخاصة في الليث وقرى الطائف وقرى الرياض التي يقطن فيها البدو، وهناك أشاهد مظاهر معينة، فموعد الحفلة يكون في الساعة 7 مساء وينتهي الساعة 12 عند منتصف الليل, وطول الحفلة يطلبن الأغاني سريعة الإيقاع وجميع السيدات يرتدين البراقع ويتفاخرن بها، حيث الكثير منهن يتناولن الطعام من تحت البراقع".
ومن منطقة تيماء (تبعد عن المدينة المنورة حوالي 400كيلو) قالت السيدة ج- البلوي"أفراحنا تختلف طبعا عن أفراح المدن بشكل واضح، فقبل الفرح بليلتين تقام الاحتفالات الخاصة بنا، ونعتبرها من العادات التي يلتزم بها الكثير من سكان تيماء، ويجتمع في هاتين الليلتين الأهل، وتغنى فيها الأغاني الشعبية المعروفة لدينا، وفي اليوم الثالث يكون الفرح، وفي منطقتنا لا يوجد سوى قصرين للأفراح، فالكثير منا يقيمون أفراحهم في منازلهم، ونحن كسيدات قبل الفرح نذهب للمناطق المجاورة لحجز الكوافيرة التي تأتي لنا في ليلة الفرح لعمل المكياج والتسريحات، ونحرص أشد الحرص على التنافس في وضع المكياج المختلف عن الأخريات، حيث يتباهى الجميع في وضع المكياج المميز، وبالتالي نطلب من الكوافيرة وضع الألوان الفاتحة، ورسم العين بطريقة مختلفة، حيث نلجأ دائما إلى رسم العين بطريقه واسعة، وأيضا نحرص أن يكون المكياج مناسبا مع البراقع التي نلبسها في جميع المناسبات، وعمل التسريحات بحيث يكون جزء من الشعر مفرودا, لأننا لا نخلع البراقع، حتى الفتيات الصغيرات يرتدين البراقع، لأننا نعتبرها من العادات والتقاليد التي نسير عليها، وبالنسبة للفساتين نلجأ للبس الفساتين طويلة الأكمام، ولا نرتدي ذات الكم القصير، لأنه يعتبر من الأمور التي ينتقدها الجميع في منطقتنا".