يرى الخبراء أن التغيرات الفسيولوجية والسيكولوجية الكبيرة التي يمر بها المراهقون في هذه المرحلة، تجعلهم في أغلب الأحيان يميلون لنزع السلطات الأبوية والرقابية عن الوالدين، والتصرف بحرية دون الرجوع للغير انطلاقا من نمو إحساس كل منهم بذاته وتخيله أنه قد أصبح كبيرا بالفعل وليس بحاجة لوصاية من أحد، ولذلك فهم يفضلون بل ويحاولون إيصال رسالة معينة للوالدين طوال الوقت وهو أن رأيهما مرحب به بشكل استشاري فقط وليس إلزاميا.
لكن هذا لا يعني أن يستسلم الكبار لهذه التصرفات، بل يجب أن يحاولوا تحديد المشاكل السلوكية التي يعاني منها المراهق بشكل دقيق، ومن ثم التعامل معها بالأسلوب المناسب. وبشكل عام فإن هذه المشاكل لا تخرج عن الآتي:
التصرف بعدائية مع الوالدين
تتفاجأ الأم عندما تكتشف فجأة أن ابنتها التي كانت بالأمس القريب طفلة ترجوها للخروج معها في نزهة أو للرقاد بجوارها ليلا حتى تشعر بالاطمئنان وتذهب في نوم عميق، قد تغيرت معاملتها لها فجأة وبدأت في التصرف معها بعدائية وترفض طاعتها وقد تسخر أيضا من آرائها.
لكن إذا تجاوزت الأم هذا الاندهاش والاستنكار الأولي، وفكرت جيدا ستجد أن مثل هذه التصرفات قد بدرت عن الفتاة عندما كانت صغيرة لم تكمل سنواتها الثلاث بعد! تتكرر نفس السلوكيات الدالة على الإحساس بالذات والرغبة في الاستقلال وإظهار الإمكانات والإرادة الشخصية بمعزل عن الكبار. الاختلاف الوحيد هو أن الابنة عندما كانت صغيرة كانت قدراتها الجسدية وحصيلتها اللغوية لا يساعدانها، فكان اعتراضها يقتصر على كلمة واحدة هي "لا" عندما تطلب منها الأم شيئا ما، أما الآن فهي قادرة على توجيه نظرات نارية وإسماع والدتها محاضرة طويلة قائلة إنها قد كبرت ولم تعد طفلة صغيرة، وأن لها شخصيتها المستقلة ولا تقبل تدخل أحد في حياتها أو فرض إرادته عليها… إلخ.
يجب أن يحتفظ الكبار بهدوء أعصابهم كي لا يدخلوا في تحد غير متكافيء مع أبنائهم، وأن يتقبلوا أن ما يحدث هو سمة أصيلة لشخصية المراهق في هذه المرحلة السنية، وأن عليهم منح مساحة من الحرية والاستقلال ترضي غرور الأبناء مع مراقبتهم من بعيد والتدخل في الوقت المناسب لحسم الموقف إذا خرجت الأمور عن السيطرة، مع العلم بأن مرحلة التمرد هذه تنحسر تلقائيا في عمر 16 أو 17 سنة.
سيطرة وسائل الاتصال الإلكترونية على حياة المراهق
في الغالب لا يتفهم الكبار فارق العمر وتقدم العصر الذي يفصلهم عن أبنائهم المراهقين، ولذا فهم يستنكرون انهماك الأبناء الدائم في استخدام وسائل التواصل العصرية مع أصدقائهم، كالهاتف المحمول والرسائل النصية وبرامج التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
على الوالدين أن يبديا بعض المرونة والتفهم وألا يصبا سيلا من الانتقادات والغضب على أبنائهم حول هذا الأمر، إلا إذا زاد الأمر عن حده وتحولت المسألة إلى مشكلة حقيقية تعوق تواصل المراهق مع أسرته والمقربين له داخل الأسرة.
في هذه الحالة الأخيرة يجب مناقشة الأمر بهدوء مع الأبناء وتنظيم استخدام وسائل التواصل التكنولوجية بحيث لا يكون هذا الأمر متاحا طوال الوقت، فهناك مثلا أوقات للمذاكرة وأوقات لتجمع الأسرة كلها على مائدة الطعام لتناول الوجبات وتبادل الحديث الودي معا.
البقاء لوقت متأخر خارج المنزل
قد يستغل بعض المراهقين وجود أسباب للخروج بعد العودة من المدرسة – كالذهاب للحصول على بعض الدروس الخصوصية أو المذاكرة مع الأصدقاء أو حتى حضور تدريب رياضي ما في النادي – للمكوث خارج المنزل لفترات طويلة مع الأصدقاء والتأخر عن الموعد المحدد من قبل الوالدين للعودة إلى المنزل، وبشكل متكرر يمثل تحديا واضحا ورغبة أكيدة في كسر كل القواعد والقوانين.
والخطأ هنا يكون خطأ الكبار الذين يصمتون في المرة الأولى عندما يتأخر المراهق خارج المنزل دون سبب واضح، وهنا تصل رسالة غير مباشرة للأبناء بأنه لا توجد مشكلة في هذا الأمر.
لذا فوضع الحدود أمر مهم منذ البداية، وكذلك مراقبة التزام الأبناء بهذه الحدود والتصرف بحزم إذا حاولوا تجاوزها أكثر من مرة، ويجب وضع عقاب في حالة التجاوز كالحرمان من الخروج مع الأصدقاء لمدة أسبوع مثلا.
يجب كذلك تحري الأسباب التي تجعل المراهق يكره المكوث في المنزل، ويفضل التسكع بالخارج، فقد يرجع السبب في ذلك لوجود مشاكل أسرية أو شجار دائم بين الوالدين، وهي أمور إذا تم حلها قد يتوقف الأبناء من تلقاء أنفسهم عن السلوك غير المقبول.
انــــــا يقووولولي بس معصبه عشانكـ مراااهقه