مادة 1 : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره إيمانا نابعا من القلب والعقل بالتصور الصحيح لوظيفة الإنسان في الحياة لأنه خليفة الله في الأرض ليعمرها وفق منهجه تعالى .
مادة 2 : أن تؤدى العبادات لله وفق ما شرع فتنطق بالشهادتين وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا متوجها إلى الله بدواعي فطرتك وعقلك فتخلص في عبادته وقصدك إليه بإحسانك لعملك الذي كلفت به .
مادة 3 : أن تعي جيدا أن مفهوم قوله تعالى : ] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [ (سورة الذاريات الآية 56) في أنها معنى شامل وعميق لكل حياة الإنسان بحيث لا ينحصر مفهومك في نطاق الشعائر التعبدية وحدها بل تشمل عملك ككل فالعمل ركيزة من العبادات حتى ساعة اللهو والترويح ركيزة ثالثة فكلها أنواع مختلفة من العبادات وإن اختلفت أنواعها ومجالاتها ونطاقاتها طالما تمت بما يرضى الله وطبقا لتكاليفه.
مادة 4 : أن تكون معاملاتك وقيمك ومبادئك وفق الشرعية الإسلامية ومنهج المسلم بحيث لا تضيع مصلحة الفرد من أجل المجتمع ولا تضيع مصلحة المجتمع من أجل الفرد بل حقق المصلحتين معا في تناسق وانسجام ولا تؤثر التوكل والكسل وتعاون مع الناس على البر والتقوى ولا تتعاون على الإثم والعدوان .
مادة 5 : أن تحرص على مكارم الأخلاق وعلى الفضائل الاجتماعية كما وردت في القرآن والسنة فتعامل بالصدق والأمانة والوفاء والعفو والبر والرفق … وابتعد عن مساوئ الأخلاق كالجهر بالسوء ، والكذب والخيانة والظلم والبغي والعدوان وأكل الأموال بالباطل والبخل أو التبذير… مع العلم بأن الفضائل جميعها متساوية في الاتباع لا تغنى واحدة عن الأخرى .
مادة 6 : أن تفرق بين الحلال والحرام فلقد شاءت حكمة الله أن ينزل الإنسان ليمارس حياته في الكون ومعه قانون صيانته الذي يتمثل في منهج الله في افعل ولا تفعل أو ما نعبر عنه بالحلال والحرام فالحلال هو لباس التقوى يخفى عورات المؤمنين والحرام يظهر هذه العورات ليراها المجتمع كله وهذا التحريم هو لمصلحتك لأن الله حين حرم عليك أن تنظر إلى محارم غيرك … حرَّم عليه النظر إلى محارمك … فأيهما يحفظ حرمتك ؟
مادة 7 : أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تحقيقا لقوله تعالى ] وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ ( سورة آل عمران من الآية 104) ، ولكي تكون أهلا لهذه المهمة يجب أن تدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة أي بعلمك وقوة حجتك وألا يخالف فعلك قولك وأن تكون مخلصا وأمينا في دعوتك بلا زيادة أو نقصان ، واعلم أن الصبر في الدعوة من عزم الأمور على أن تيسر وتبشر بفتح باب الأمل للمقصرين.
مادة 8 : أن تعلم بأن هناك أمورا تحدث وتتم بمحض القدرة العليا وعلى وفق المشيئة الإلهية وحدها وهى تنفذ في الناس طوعا أو كرها والله فعال لما يريد وهذا هو القضاء والقدر ، ومواضع الرجوع إلى القضاء والتسليم لله فيما أراد كثيرة ومتنوعة وهى تعطيك عزيمة وتحملاً وجلداً كما يجب ألا تخلط مظاهر الإلزام الإلهي بمظاهر الاختيار الإنساني الذي وهبه الله لك من حرية تتوجه بها إلى الخير أو الشر دون أي ضغط أو ظلم.
مادة 9 : أن تعرف أن هناك عقوبة من الله هي الحد ، وأن القصاص حق الإنسان على الإنسان وأن الشارع سَنَّ عقوبات محددة لجرائم الحدود وهى (الزنا والقذف والسرقة وشرب الخمر والمحاربة والرِّدة والبغي) ؛ وهذه العقوبات قد تبدو قاسية ولكن الرحمة بالمجتمع أهم بكثير من الرحمة بالفرد ، ويُحَرّم أن يشفع أحد أو يعطل حداً من حدود الله متى وصل الأمر للحاكم ولا بأس من التستر على الجاني والشفاعة قبل ذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "تَعَافوا الْحُدُودُ فِيمَا بَيْنَكُم ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍ فَقَدْ وَجَب" ، وقولـه صلى الله عليه وسلم : "ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُم ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ ، فِإِنَّ الإِمَامَ لَئِنْ يُخْطِئ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ لَـُه مِنْ أَنْ يُخْطِئ فِي الْعُقُوبَةِ" ، وللمسلم أن يستر نفسه ولا يفضحها بالحديث عما يصدر منه ؛ وأن يسارع في طلب المغفرة بالتوبة .
مادة 10: أن توقن بأن رحمة الله وسعت كل شيء فما من مسلم ولا كافر ولا مطيع ولا عاص إلا وهو متقلب في رحمه الله ونعمه قال تعالى ] وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ ذُو الرَّحْمَةِ [ (سورة الأنعام من الآية 133) ، ولحديث الرسول e " لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِى " وإن التوبة النصوح هي التوبة الصادقة.
فكن من عباد الله التوابين فالتوبة تطهر النفس وتبعدك عن الفواحش والصغائر ولتؤمن إيمانا راسخا عميقا بأن الله وعد بقبول التوبة وحض عليها ورغب فيها .
مادة 11 : أن لا تغفل عن قراءة القرآن والتدبر فيه وعن الدعاء مخلصا لله الضراعة والرجاء فقد قال تعالى : ] وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِ أَسْتَجِبْ لَكُمْ , إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [ ( سورة غافر الآية 60 ) ، وقوله : ] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّى فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ، فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ [ ( سورة البقرة الآية 186 ) ، فادع الله ليصلح شئونك في الدنيا والآخرة في استكانة وخشوع وخفاء مع خفض الصوت والجأ إلى الله بالدعاء لينجيك من كرب أو من غم أو من شر قد يصيبك والله هو القدير على أن ينجيك .
مادة 12 : أن تحرص على الالتزام بالحقوق الإسلامية والتي تشمل "حق المسلم على المسلم" حتى يكون هناك ترابط أخوى وتعاون متبادل " حق الزوج على زوجته , وحق الزوجة على زوجها لتحقق قوله تعالى : ] وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [ ( سورة الروم الآية 21 ) وهناك " حق الآباء على الأبناء وحق الأبناء على الآباء " لتحقيق البر بينهما مصداقا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: " بِرُّوا آبَاءَكُمْ تُبِرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ .. " كذلك " حق الجار " لحديث الرسول" وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً .." وللحديث : "واللهِ لا يُؤْمِنُ , واللهِ لا يُؤْمِنُ , واللهِ لا يُؤْمِنُ " قيل يا رسول الله .. من ؟ قال " الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " (أي شروره) .
مادة 13 : أن تؤدى واجباتك في الحياة كاملة ومتقنة في حدود ما تستطيع " لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا "وأن تمارس حقوقك جميعا في حدود ما شرع الله سبحانه أمرا أو نهيا أو ندبا أو إباحة وأن تلتزم بآداب الإسلام وأخلاقه .
مادة 14 : أن الإسلام دعم أركان السلام بالتسامح مع البشر جميعا , وإن اختلفت عقائدهم مع عدم التعصب الديني والطائفي فقد أمرنا الله بالإيمان بجميع الرسل والأنبياء السابقين وقد أباح الإسلام مصاهرة أهل الكتاب وتناول طعامهم وقبول هداياهم كما نهى الإسلام عن سب الذمي وظلمه بأي وجه يكون ففي الحديث الشريف : " مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ شَيْئاً مِنْهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وهذا التسامح يتم في إطار قولـه تعالى : ] فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُم فَاسْتَقِيمُواْ لَهُم [ ( سورة التوبة من الآية 7 ) , وقولـه تعالى : ] لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوُكُمْ مِن دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ (سورة الممتحنة الآية 8) ، هذا والسلام إطار العلاقة الإسلامية حتى مع غير المسلمين .
مادة 15 : أن تجاهد في سبيل الله وفق آداب الإسلام في الجهاد فكلمة الجهاد لا تعنى " حربا " وإنما تعنى " جهدا " على طريق الله : والجهاد هو محاربة أولئك الذين عاهدوا ثم نقضوا العهد وأولئك الذين يحاولون منع المسلمين من أداء شعائرهم الدينية وكذلك لرد عدوان أو انتهاك حرمة ] وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [ (سورة البقرة من الآية 19) ،وقال تعالى : ] لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوُكُمْ مِن دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ ( سورة الممتحنة الآية 8 ) ، فالدعوة الإسلامية تنادى بالتعارف والتعاون وتحقيق الأخوة وتكره العدوان والبغضاء وتقوم الدعوة على الرحمة . وقال تعالى : ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [ ( سورة الأنبياء الآية 107 ) ، وتذكر أن الإسلام لم يشأ أن تكون وسيلته إلى حمل الناس على اعتناقه هي القهر والإكراه في أية صورة حتى القهر العقلي عن طريق المعجزات ولكن الإسلام يخاطب القوى المدركة في الإنسان ويعتمد عليها في الإقناع بالشريعة والعقيدة فقال تعالى : ] وَلَوْ شِاءِ رِبُّكَ َلأَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [ ( سورة يونس الآية 256 ) ، وقال تعالى : ]لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [ ( سورة البقرة الآية 256 ) .
مادة 16 : أن الإسلام أوجب أن يقوم نظام الحكم فيه على العدل والإحسان وأن يقوم على الشورى وأن تكون قوانين الحكم من الكتاب والسنة وفق الشريعة الإسلامية مع تعريف المسلم بحقوق الحريات ( حرية الفكر – حرية التعبد – حرية العمل – حرية التعبير – حرية التملك – حرية الكسب – حرية التنقل ) دون أن تسئ إلى حريات الآخرين وذلك في إطار من الانضباط الإسلامي في مواجهة حاسمة للفوضى والعدوان الذي تمارسه بعض الجماعات .
مادة 17 : أن تنظر إلى مخلوقات الله من حيوان ونبات وجماد على أنها مخلوقات لله تسبح بحمده وإن كنت لا تفقه تسبيحها وأن تكون علاقتك بها علاقة وئام لا صراع ، واستفادة من هذه المخلوقات لا تحد لها وصراع معها فقد سخر الله كل المخلوقات للإنسان وإيذاء قطه وحبسها حتى الموت قد تدخلك النار ، بينما العطف على حيوان أو نبات قد يزيد من حسناتك ويُدخِلك الجنَّة ، فلا تكن معتديا على البيئة بغير حق ولا تفتر على مخلوقات الله بالباطل .
مادة 18 : أن تقرأ القرآن وتتدبر في معانيه وأن تكون على علمٍ بالموضوعات الفقهية والشرعية المختلفة لتعرف موقف الشريعة الإسلامية منها حتى لا تَضل أو تُضل فكلها أمور حياتية إن لم تحتجها اليوم فقد تحتاجها غدا والتعرف على حكم الدين فيها عصمة لك من الوقوع في المعصية وهذه الأمور مثل البيع :حكمه وأركانه وشروطه والعقود : ومشروعيتها وشروطها والقرض والوديعة والوصية والوقف والهبة … كذلك الزواج … والمواريث وحلف اليمين … والجنايات … والشهادة في القضاء .. وغير ذلك ..
مادة 19 : أن تتعرف على مسيرة الإسلام منذ مولده حتى الآن معرفة واضحة وصادقة ومن مصادر موثوق بها حتى لا تنزلق إلى آراء واجتهادات ناقصة وغير رشيدة مما يسبب لك شكا أو ارتباكا أو تضليلا فبدراستك للتاريخ وتعرفك على الظروف والملابسات التي مرت بكل عصر درع لك ضد المغرضين ؛ كما يجب أن تتعرف على الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي دون أن تتشعب في الآراء والمجالات والمناظرات والتعرف على الخلاصة والمطلوب منك . وتعرف أيضا كيفية جمع القرآن والسنة حتى تستكمل المنهج الإسلامي .
مادة 20 : أن تعلم أن منهج المسلم هو منهج للمسلمين كافة بل للبشر جميعا وليس لفئة أو لجماعة دون جماعة وأنت حينما تلتزم به وكذلك كافة المسلمين فإننا نكون قد حققنا لأنفسنا النجاة في الدنيا والآخرة ، وللإسلام الرفعة ، والانتشار وبذلك نعود إلى الطريق المستقيم الذي لاعوج فيه 0
والإنسان غالبا ما يحيد عن المنهج بدرجات متفاوتة والكمال لله وحده لذلك طلب الله من المسلمين أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فينصلح حال من حاد عن الطريق ويتوب إلى الله .
إن بُعد حاكم أو محكوم عن المنهج لا يصلحه إلا الدعوة الرشيدة وأن يكون غالبية المسلمين على المنهج فبصلاح الفرد تنصلح الأسرة وبصلاح الأسرة ينصلح المجتمع وبصلاح المجتمع ينصلح حال الحاكم والمحكوم في إطار حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ … " ، وحديثه عليه الصلاة والسلام " مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِع فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَهَذَا أَضْعَفُ الإِيمَانِ " ومن هنا فإن كل مسلم مسئول عمن يرعاه فمن رأى منه منكرا فليغيره أما أن تنصب نفسك راعيا لكافة المسلمين تحاول تغيير ما تظن أنه خروج عن المنهج أو انه منكر دون أن تدرس حقيقة الأمر فذلك أمر جسيم ، لأن ما تعمله أنت في نظر غيرك خروج وما يعمله غيرك قد يكون في نظرك منكرا فإذا ترك الأمر لكل مسلم أن يقوّم الخلق جميعا كل وفق ما يرى أو يهوى لضاع الحق لغياب كثير من الأمور وعَمّت الفوضى ، فالوعّاظ والدعاة المتمكنون ورجال الدين من الواجب عليهم تبيان وشرح وإنارة الطريق لكل ضال ولكل راغب في الاستزادة من العلم وأن من ينصب نفسه فردا كان أو جماعه دعاة بغير فهم ووعى كامل للمنهج فان الناس قد ينفرون من الدين أو يحيدون عن الطريق المستقيم .
والإكثار من ذكر العلم والفكر والعقل في القرآن ظاهرة تستلفت النظر بشكل بارز قال تعالى : ] إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [ (سورة الرعد من الآية 3) ، وقال تعالى : ] إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [ (سورة الرعد من الآية 4) ، وقال تعالى : ] إِنَّ فِي ذَلِكَ َلأَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [ ( سورة النمل من الآية 52 ) ، وقال تعالى : ] إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [ (سورة الروم من الآية 22) ، وقال تعالى : ] قُلِ اْنُظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَالأَرْضِ [ (سورة يونس من الآية 101) .
والمتأمل للقرآن يدرك أن الإسلام يفرض على المسلم أن يفكر ، كما يفرض عليه أن يتعلم ، فالعلم والفكر جزءان من شخصية المسلم ، بالعلم نعرف أن الإسلام حق ] وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ [ (سورة سبأ من الآية 6) .
ويحدثنا القرآن عن الضالين فيقول : ] وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورْونَ [ ( سورة الحجر الآيتان 14 , 15 ) , كما يقول فيهم أيضاً : ] وَإِن يَرَواْ آَيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُسْتَمِرٌ [ (سورة القمر الآية 2) , ويقول :
] وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَـاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [ (سورة يوسف الآية 105) , إذا فالسـر دائما في الإنسـان نفسه ، قال تعالى : ] فلما زاغـوا أزاغ الله قلوبهم [ (سورة الصف من الآية 5) ، وأما آيات الله فواضحة بينة : ] وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [ (سورة الأنعام الآية 55) .
تسلم ايديكي ياقمر