الخيزران امرأة عاشت عظيمة، وقدمت الكثير للناس أولا ولابنها ثانيا، كان ولدها موسى الهاديخليفة، وكان يبدي لها في بادئ الأمر الطاعة حتى إنها كانت تتدخل في أمور خلافته، وكان لها سلطة عليه، ونظرا لهذه السلطة في أمور الخلافة فقد طمع الناس فيها، فقد كانوا ينهالون عليها بشكل كبير، لتلبي طلباتهم عند ولدها الهادي حتى قالفيها أبو المعافي:
ياخيزرانُ هناك ثم هناك إن العباد يسوسهم ابناكِ
الخيزران وسياسة الحكم :
وذات يومطلبت الخيزران من ولدها الهادي أن يولي خاله اليمن لكن الهادي خيرهما ما بين طلاقهمن ابنه خاله إذ إنه كان متزوجا بها، وما بين ولاية خاله اليمن، فطلب من رسوله الذيلم يفهم عليه أن يبلغهما هذا الكلام، فأبلغها الرسول ونظرا لسوء فهمه للرسالة من أن الخيزران وخاله اختارا ولاية اليمن، فقام الهادي بدورة وطلقوزوجته التي هي ابنه خاله.
وفي أحد الأيام كلمت الخيزران ولدها الهادي، وطلبت منه أمرا ، ولكن الهادي سكت عنها، ولميجبها وأصرت الخيزران على أن تسمع الرد من الهادي، إلا انه غضب ولم يجبها، وبعد هذاالموقف أقسم الهادي ألا يقبل لها طلبا ولا يسمع لها رأيا، وهي بدورها أقسمت ألا تطلب منهشيئا، والجدير بالذكر أن الموضوع في ذلك اليوم كان يخص عبد الله بن مالك والخيزران، إذ كانت قد وعدته أن تقضي له حاجته عند ولدها الهادي.
وبعد هذاالموقف افترق كل من الأم والابن، واستقر الحقد في قلب الهادي اتجاه أمه لدرجة انهأرسل لها بلحم مسموم إلا أن الخادمة أشعرت الطباخة بذلك ونجت الخيزران من الموت فيذلك اليوم،
ولكن الخيزران لم تسكت عن عدوها ، ولدها فلذة كبدها وقررتن تنتقم منه فطلبت من أحدهم أن يدس السم له ونجحت بذلك فأتى الهادي الموت، وبذلكانتهت المعركة بين الأم والابن.
وعندما سمعت الخيزران بخبر وفاه الهادي قالت في بادئ الأمر: ما افعل، فطلبت منهاخادمتها أن تذهب إليه، وتنسى كل الحقد والغضب، فقامت الخيزران وهمت للوضوء وصلتعليه. وبعد هذهالحادثة ذهبت الخيزران للحج ، وعندما انتهت منه رأت أبا دلامة يصيح عندها، وتبين لهابعد ذلك أنه يريد جارية من جواريها؛ لتقوم بخدمته نظرا لأنه رجل كبير في السن، فلبت طلبه.
وفاتها :
توفيت الخيزران ليلهالجمعة سنة 173هـ. وقد صلى عليهاالرشيد، وعندما خرج ُوضع له كرسي ليجلس عليه، فدعا الفضل بنالربيع ودفعإليه الخاتم قائلا: كنت أهم أن أوليك فتمنعي أمي فأطيعيه.