الحرفُ الأخير
( وحوصر اليراع .. وحُرّمت عليه المنابر ..
ورغم الحصار ستشرقُ المحابر )
كم كان يكتبُ في مدادٍ من دمِ !
كم طافَ بالحرفِ الجميلِ على مدارِ الأنجمِ !
لكنه قد عاشَ فيهم باغترابْ
حتى تولّى في غياباتِ الغيابْ
في سكونٍ مؤلمِ
. .
ذا حرفُهُ المشبوبُ يَشهدُ فاسألوهْ
لم يفقدوهْ
رغم الشذا المسكوبِ من آلامهِ
لم يُنصفوهْ
وهو الذي قد ذابَ في إسلامهِ
لم يُنصفوهْ
كانت عيونُ القوم ترنو بانبهارْ
نحو أقلام الكبارْ !
. .
وأتاكمُ اليومَ الغريبُ لكيْ يُحدّثَ في غضبْ
عن قصة فيها العجَبْ !
عن قصةٍ يا إخوةَ الإسلام داميةٍ حزينةْ
. .
لما حَملتُ معي الذهبْ
تغشى جوانحيَ السكينةْ
في رحلةٍ كانت طويلةْ
وبدَتْ مناراتُ العربْ
" وبدتْ لميسُ كأنها
بدرُ السمّا " فوق الخميلةْ
ودخلتُ في مُدُن الأدبْ
وصرختُ في سِككٍ بخيلةْ
"مَن يقبلُ المِفتاحَ مني ؟
من يحملُ المصباحَ عني ؟"
بُحّتْ لَهاتي في المَدى
صارتْ نداءاتي الصّدى
فالقومُ في لهوٍ نيامْ
يغشى عيونَهمُ ظلامْ
. .
ورجعتُ يَحدوني التعَبْ
ورجعتُ في رَحْلي الذهبْ!
لم يأخذوه بلا ثمنْ !
كانوا بحفلٍ راقصٍ في مائدةْ
وفدوا القصورَ مواكبا
يَحدوهمُ ذاك اللهَبْ
حرقوا البَخورَ سحائبا
كُرمى العيون الجاحدةْ !
مرحى لهم ! ربحوا العفَنْ
بُعداً لمَن صنعوا الحصارْ
حول إشراق النهارْ
. .
بعد انقضاء الرحلةِ
ما رأيُكمْ يا إخوتي ؟
ما رأيُكمْ بحكايتي ؟
لكمُ قصصْتُ فصدّقوني
بكمُ انتصرتُ فأنصفوني
لكنْ إذا حانَ القدرْ
وحزمتُ أمتعة السفرْ
فهديتي قبل المسيرْ
للقادمينَ مع المطرْ
للساجدينَ لربهم عند السحرْ
هذا اليراعُ على وشاحٍ من حريرْ
من يستعيرْ ؟!
من يستعيرْ ؟!
من يحملُ الحرفَ الأخيرْ ؟!
***