أحس أنني قادر على تفسير الأحلام ، وأنني أعرف معانيها ، كيف أتبين من الأمر ، وكيف أُطَوِّرُ نفسي ؟
الحمد لله
النصيحة التي يمكن أن نقدمها لأخينا السائل في هذا المقام – وقد رأينا في سؤاله انطلاقة سليمة في الفهم والتعلم – أن يتوجه اهتمامه إلى العلم النافع والعمل الصالح ، وأن يحرص على التفقه في الدين ، ومعرفة أحكام الشريعة ، والاطلاع على ما كتبه علماء الإسلام ، فذلك أولى من الحرص على تفسير الأحلام ، ومحاولة تحسين هذه المعرفة ، فقد غدا تأويل الأحلام مهنة وصنعة لها سوقها الذي يترأسه طائفة من الناس ، بحق أو بباطل ، يميلون بعقول وقلوب المسلمين والمسلمات نحو الظنون والأوهام والخرافات .
والذي ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه من العلم النافع والعمل الصالح بما هو أهم وأفضل.
فإن العمر قصير لا يتسع لجميع العلوم ، فليأخذ المسلم بالأهم فالأهم من العلوم .
وطلب العلم الشرعي والتفقه في الشرع وتعليمه للناس ، والدعوة إليه ، من أفضل ما يقوم به المسلم ، ويعبد به ربه ، فليحرص المسلم على ذلك ، فهو أفضل ما أنفقت فيه الأعمار .
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
" وقد أُلَّف في تعبير الأحلام عدة مؤلفات ، منها ما ينسب إلى ابن سيرين ، ومنها ما ينسب إلى غيره ، ولا خير في الاشتغال بها ، وكثرة النظر فيها ؛ لأن ذلك قد يشوّش الفكر ، وربما حصل منه القلق والتنغيص من رؤية المنامات المكروهة ، وقد يدعو بعض من لا علم لهم إلى تعبير الأحلام على وفق ما يجدونه في تلك الكتب ، ويكون تعبيرهم لها بخلاف تأويلها المطابق لها في الحقيقة ، فيكونون بذلك من المتخرصين القائلين بغير علم ، ولو كان كل ما قيل في تلك الكتب من التعبير صحيحًا ومطابقًا لكل ما ذكروه من أنواع الرؤيا لكان المعبرون للرؤيا كثيرين جدًا في كل عصر ومصر ، وقد علم بالاستقراء والتتبع لأخبار الماضين من هذه الأمة أن العاملين بتأويل الرؤيا قليلون جدًّا ، بل إنهم في غاية الندرة في العلماء ، فضلاً عن غير العلماء ، وذلك لأن تعبير الرؤيا علم من العلوم التي يختص الله بها من يشاء من عباده ، كما قال تعالى مخبرًا عن يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه قال ليوسف عليه الصلاة والسلام : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) يوسف/6 ، وقال تعالى مخبرًا عن يوسف أنه قال للفتيين اللذين دخلا معه السجن: ( لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ) ، وقال تعالى مخبرًا عن يوسف أيضًا أنه قال : (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) يوسف/101، والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا قاله غير واحد من المفسرين " انتهى.
والله أعلم.
[/frame]