إنها تموج موج البحر وهي كالقطر وهي كالحيات وهي كقطع الليل المظلم ، بسببها يبدل الإنسان دينه ، هكذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم الفتن ، فقد فصلها ووضحها وحذّر منها وبيّن علاماتها وكيفية المخرج منها، بل كان يقول في الصلاة بعد التحيات ( أعوذبالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) وما فصل النبي صلى الله عليه وسلم الفتن وذكرها إلا لأنه رؤوف رحيم يخاف علينا ..
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العبادة في الهرج كهجرة إلي ""
قوله صلى الله عليه وسلم : ( العبادة في الهرج كهجرة إلي ) المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس . وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا أفراد .
كنت أقرأ فتواكم الكريمة بخصوص عدم تخصيص عبادة أو حض الناس على عبادة في ليلة الكريسمس أو الميلاد؛ لأنها بدعة ولم يأت بها النبي عليه الصلاة والسلام.. فبارك الله فيكم للتنبيه.
وسؤالي.. كنت قد أرسلت العام الماضي رسائل إلى أخواتي في الله أدعوهم فيها إلى ذكر الله وقيام الليل والعبادة بأي نوع كانت، بدون تخصيص، في الوقت الذي ترتفع فيه الكؤوس ويسود المجون احتفالا بالعام الجديد. وكنت قد استندت في دعوتي إلى حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: عبادة في الهرج كهجرة إلي. فأردنا أن نأخذ هذا الأجر من هذا الحديث في ليلة يكثر فيها الهرج. فهل أنا مبتدعة؟ وهل أخطأت؟ جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في الفتوى رقم 13157، والفتوى رقم 57818 أنه لا يجوز تخصيص أيام أعياد الكفار بنوع من أنواع العبادة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم. فالرجاء من السائلة الكريمة مراجعة الفتويين المشار إليهما لمزيد الفائدة.
والمراد بالعبادة في الهرج الالتزام بطاعة الله تعالى عند غفلة الناس عنها، قال النووي عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: العبادة في الهرج كهجرة إلي. قال: المراد بالهرج هنا: الفتنة واختلاط أمور الناس. وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد. انتهى.
ولا ريب أن هناك فرقًا بين المراد بالعبادة في الهرج، وبين تخصيص يوم أو ليلة بأي نوع من أنواع العبادة من غير استناد إلى أصل في ذلك. نعم للأخت الكريمة جزاها الله خيرًا وشكر الله سعيها وقصدها أن تنبه أخواتها وتذكرهن بفضل العبادة عند الهرج وتحثهن على امتثال أمر الله تعالى، لكن من غير أن تعين لهن يومًا أو أيامًا أو نحو ذلك مما يمكن أن يتحول بعد مرور الزمان إلى سُنة يقال عند تركها تركت السنة.