أقول وبالله التوفيق:
إن هذه الرخصة ليست على عمومها بالكتاب والسنة وإجماع الأمةوفهم الصحابة والأئمة من بعدهم.
أما أدلة الكتاب فهي:
1.قوله تعالى
(أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ )
ووجه الدلالة :
حبوط الأعمال مع عدم الشعور.
قال البخاري في كتاب التفسير:
وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ وأنتم لا تعلمون.
فهذا النص ينص على أن العبد المسلم قد يأتي من الأقوال أو الأعمال أو الأفعال مايحبط عمله بهذا وهو لا يعلم .
والحبوط الكلي للعمل لا يكون :
إلا بالكفر .
كما أن غفران الذنوب جميعهاً لا يكون إلا بالتوبة وهذا من أصول أهل السنة
فهذه الآيةتنص على استثناء الكفر من عموم رخصة الخطأ.
2.قوله تعالى
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُواقَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)
التوبة :65-66
فهؤلاء القوم قد قالوا :
هذا القول الذي قد علموا حرمته ، ولم يقصدوا الكفر ، وظنواأن الخوض واللعب يدرأ الكفر عن صاحبه كالإكراه وأن الكفر لا يكون إلا مع العمدوالجد ومع ذلك كفرهم الشرع ولم يقبل عذرهم ، فهؤلاء مع جهلهم بكفرهم لم يعذروابرخصة الخطأ فهذا النص أيضاً يدل على استثناء الكفر من عموم رخصة الخطأ .
قال ابن تيمية
"قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَاتَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
فقد أمره أن يقول لهم :
(قد كفرتم بعد إيمانك)
وقول من يقول عن مثل هذه الآيات :
أنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولاً بقلوبهم ، لا يصح
لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فلا يقال قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر ، وإن أريد أنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان ، فهم لم يظهروا للناس إلا لخواصهم ، وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا …
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ فاعترفوا واعتذروا ،ولهذا قيل لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)..
فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفراً بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر