والصحة من أعظم النعم التي أنعم الله عز وجل بها على خلقه فقد أخرج البخاري في صحيحة في كتاب الرقاق عن ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) . بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها خير من الغنى في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة والحاكم ، واحمد من حديث معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم . أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
(لا بأس بالغنى لمن اتقى، و الصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم).
كذلك فإن الصحة البدنية والصحة العقلية شرط لكمال أهلية الإنسان و أدائه التكاليف الشرعية ،ولذا يعد المرض من عوارض المخلة بالأهلية والتي تُسقط عن المريض بعض التكاليف. وقد اشترط الفقهاء الصحة في عدة أحوال منها: الإمامة الكبرى، والجهاد، والحج، و الحدود والقصاص، و الرخص.
و الحج يؤكد وحدة الأمة والمتمثلة بمظاهر كثيرة كالإحرام ،وتوحيد العبادات في المكان والزمان، وتوحيد زمن الحج وغيرها. و هذا يؤدي إلي إشباع دوافع انتماء الفرد للجماعة و إشباع الإحساس بدافع العمل الجماعي. ومع إشباع هذه الدوافع، إضافة إلي إشباع العبادات الأخرى للدوافع المتبقية ، يزداد الاطمئنان النفسي والثقة بالنفس عند المسلم وبين جماعته.
كذلك فالعبادات التفصيلية داخل الحج من طواف بالبيت والسعي، والوقوف بعرفات ، ومزدلفة ، و الدعاء ، و الصلاة وغيرها من شعائر الحج ، تزيد من إشباع حاجات الروح فترتفع المعنويات، وهذا يزيد من مناعة الجسم تجاه كثير من الأمراض الجسدية ، فتهون وتصبح بسيطة لدى الإنسان المطمئن الروح ممن تعلق قلبه بالله تعالى.
أسباب الإصابات المرضية في الحج:
الكثير من الأمراض المنتشرة في فترة الحج هي من الأمراض التي يمكن الوقاية منها أو التحكم فيها. ومنها ما هو ناتج عن :
-1 ازدحام الحجاج في المشاعر أو في أماكن أداء العبادة مثل : الطواف والسعي ورمي الجمرات وغيرها.
-2 عدم المحافظة على النظافة الشخصية أو النظافة العامة أو نظافة المأكل والمشرب.
-3 الإجهاد بسبب المشي الكثير، أو السهر أو التعرض لضربات الشمس.
-4 وجود أمراض مسبقة لدى الحاج و أدى الحج إلي تفاقمها وزيادة مضاعفاتها.
5 – عدم الأخذ بالأسباب الوقائية من الحصول على اللقاحات الموصى بها أو عدم الأخذ بالتعليمات الصحية المناسبة لكل حاج.
6- قلة أو تفاوت الوعي الصحي لدى كثير من الحجاج القادمين من مناطق مختلفة.
-7 التعرض لإصابات بسبب الازدحام أو الذهاب إلي الأماكن الخطرة في الجبال ، و التعرض لحوادث السير.
8- قدوم عدد كبير من كبار السن و الطاعنين في العمر إلي الحج مما يعرضهم للأمراض و الإصابات.
9- الأنانية لدى الكثيرين من الحجاج و عدم احترام حقوق غيرهم ، مما يجعلهم يتصرفون بتصرفات تعرض غيرهم للخطر أو الإصابة بالأمراض المختلفة.
عند الاستعداد للحج :
لابد من بذل جهود صحية مشتركة بين بلد الحاج وبين الجهات الصحية في المملكة السعودية بهدف توعية حجاج بيت الله الحرام، فقبل أشهر الحج يجب تزويد الحجاج بالمعلومات الصحية الكافية، عن طريق كتب أو بروشورات توزع للحاج عند الموافقة على تأشيرة الحج من قبل السفارة السعودية أو عبر التوعية المحلية .
إرشادات صحية لما قبل الحج:
1- يجب مراجعة الطبيب قبل السفر للحصول على المستجدات في الإجراءات الوقائية واللقاحات المطلوبة. والتأكد من استقرار الحالة الصحية والقدرة على الحج لمن لديه مرض مزمن.
2-يجب حمل بطاقة خاصة تبين تشخيص المرض لكل مريض مصاب بمرض مزمن، لتسهيل عملية إسعافه في حالة إصابته –لا قدر الله- أو وجود مضاعفات للمرض، ويفضل أن تكون مربوطة كسوار حول المعصم.
3- يجب حمل تقرير مفصل يوضح التشخيص والعلاج والجرعات لكل دواء يتناوله الحاج المريض مما يحتاج المتابعة والرعاية.
4- من الضروري أخذ كمية كافية من الأدوية التي يستخدمها أي مريض ، لأنها قد لا تكون متوفرة في الحج.
اللقاحات الخاصة بالحج:
أخذ اللقاح قبل الحج بفترة كافية أمر ضروري لوقاية الحاج من الأمراض. وهناك عدد من اللقاحات يوصى بأخذها قبل الحج منها ما هو إلزامي ، ومنها ما هو اختياري نوجزها بما يلي:
-1 اللقاح ضد التهاب السحايا :
– وهو من اللقاحات التي تشترط الصحة السعودية أخذها قبل السفر للحج. وهي من الأمراض المعدية الخطيرة. قد تنتقل بواسطة الرذاذ المتطاير من الفم أو الأنف، وتصيب أغشية المخ و النخاع الشوكي، وغالباً ما تؤدي إلي الوفاة- لا قدر الله- إن لم تعالج ، وقد تؤدي إلي إعاقات عصبية عند التأخر في العلاج.
2- اللقاح ضد الأنفلونزا:
– وهي تصيب نسبة كبيرة من الحجاج، وتؤثر على أدائهم للمناسك وتصيبهم بالتعب و الإرهاق العام، وقد تستمر معهم حتى ما بعد إكمالهم الحج. ولذلك هناك لقاح للأنفلونزا ينصح بأخذه، ولكنه اختياري.و يتأكد أنه مطابق لتوصيات الجهات الصحية في المملكة، والتي تصدر سنوياً بهذا الخصوص.
3- لقاح نيمو كوكس:
– وهو لقاح خاص لا يعطى لكل الحجاج، ولكنه يعطى للمرضى المصابين بالأنيميا المنجلية، أو الفشل الكلوي، أو نقص المناعة، أو المرضى الذين تم استئصال الطحال لديهم. كما يمكن أعطاؤه للحجاج كبار السن، أو الذين يعانون من أمراض مزمنة في الكبد أو القلب أو الرئة.
– 4 اللقاح ضد الحمى الصفراء:
ويعطى للمرضى القادمين من المناطق المنتشر فيها المرض، كالمناطق شبه الصحراوية الأفريقية، وبعض الدول في أمريكا الجنوبية.
5- لقاحات الأطفال :
– يجب التأكد من لقاحات الأطفال، والتأكد من استكمالهم للقاحات الأساسية ضد أمراض الطفولة الرئيسة، بالإضافة إلى اللقاحات الخاصة بالحج.
إرشادات صحية خلال الحج:
نصائح عامة:
1- يجب أخذ قسط وافر من الراحة قبل وبعد كل شعيرة من شعائر الحج بهدف إعادة الحيوية للجسم، وبما يعينه على تأدية بقية أعمال الحج.
2- المحافظة على نظافة الجسم، فهي عنصر مهم للوقاية من الأمراض.
3- الإكثار من شرب السوائل كالماء والعصير واللبن وغيره.
4- في حالة شدة الحرارة يفضل تجنب الطواف والسعي وقت الظهيرة، واستخدام المظلة الواقية من الشمس .
5- الامتناع عن تناول الأغذية المكشوفة المعرضة للذباب والأتربة، واستعمال الأغذية المغلفة أو المحفوظة بقدر الإمكان، مع التأكد من تاريخ صلاحيتها.
6- يفضل تناول الفواكه والأطعمة المسلوقة المفيدة للجسم وغير المهيجة للأمعاء، والبعد قدر الإمكان عن الأطعمة المعلبة المحفوظة لفترات زمنية طويلة .
7- التوجه لأقرب مركز صحي في حالة اشتداد الألم، أو حدوث مضاعفات أخرى.
الحقيبة الطبية:
وتحتوي على مجموعة من الأدوية قد يحتاجها الحاج أثناء حجه .
أدوية عامة :
– خافض الحرارة مثل الباراسيتامول .
– مضاد السعال و طارد البلغم.
– كريمات و فازلين و بودرة .
– كريمات و مراهم لإصابات العضلات.
– كريمات للجروح .
-الأملاح التعويضية بالفم مثل أملاح الصوديوم و البوتاسيوم والتي قد يحتاجها الحاج لضربات الشمس و الإرهاق الحراري أو نوبات الإسهال الشديدة .
أدوية خاصة :
أدوية خاصة ببعض الأمراض المزمنة مثل:
– أدوية السكري.
– أدوية الربو.
– أدوية أمراض القلب ..وغيرها.</i>
نورتو الموضوع