كثير من الناس يعرفون متلازمة داون Downs Syndrome ويسميها البعض الطفل المنغولي، أو غيرها من المتلازمات التي تحدث إعاقة جسدية أو عقلية تحتاج إلى تغذية وعناية خاصة في بداية حياة المريض ولكن مع نمو الطفل وبلوغه عدة سنوات قد لا يحتاج إلى متطلبات غذائية خاصة ولكنه يظل بحاجة إلى رعاية تغذوية تختلف عن الأطفال غير المعاقين.
إذا كانت مشكلة الطفل هي عدم القدرة على الحركة فقط فلا يحتاج في الغالب إلى متطلبات غذائية خاصة، بل تكون نفس احتياجات أقرانه الأسوياء مع الفرق الوحيد وهو أن تقدر تلك الاحتياجات بناء على طوله وليس على عمره لأن طوله قد يكون دون الطبيعي ولأنه قليل الحركة فحاجته للسعرات الحرارية أقل أيضاً، فمثلا الأطفال المصابون بالشلل الدماغي Cerebral Palsyأو التصلب Spasticity يحتاج الشخص إلى 1118 سعرة لكل 1سم من الطول وهذا الاختلاف تابع لاختلاف الوزن والجنس، أما في متلازمة برادر ويلي PraderWilli Syndrome فيحتاج الشخص الى كمية أقل من السعرات 714 سعر لكل 1سم لأن الوزن يزداد عند هؤلاء المرضى نظراً لزيادة شهيتهم بسبب الخلل في إفراز الهرمونات لأن هذا المرض يصيب مراكز التحكم ببعض الهرمونات مثل الغدد الصماء والهيبوثا الامس.
فهنا تبرز أهمية أخذ التاريخ الطبي والغذائي للمريض، وتقييم الحالة الصحية للمريض، واخذ القياسات المطلوبة لتقييم الحالة الغذائية، ومن ثم التخطيط الغذائي لكل حالة على حدة.
مشكلات المرضى المعاقين
من المشاكل التي يواجهها هؤلاء المرضى ضعف النمو وعدم قدرة عضلات الجسم عن تحريكه مع وجود اعتلالات عصبية لا تمكن الشخص من القيام بعمليات تناول الطعام من قضم أو مضغ أو بلع، وأحيانا عدم القدرة على تكسير وهضم الطعام أو امتصاصه نظرا لنقص بعض الانزيمات مما يؤدي إلى عوز لبعض الفيتامينات أو المعادن التي يجب ان تعطى له على شكل مكملات غذائية من أهمها الحديد وهناك تأثيرات نفسية لا تخفى على الجميع ولكن اذكر منها ان الشخص وبالذات الأطفال لا يستطيعون الاستمتاع باللعب أو القيام بنشاطات أخرى كالخروج من البيت مثلا وهذا الأمر يجعلهم يأكلون كثيرا كنوع من اشغال الوقت.
هناك سبب آخر لنقص العناصر الغذائية وهو تناول بعض الادوية المنبهة للجهاز العصبي التي قد تسبب فقدان الشهية أو الأرق أو بعض الألم في المعدة مما يقلل الشهية.
ما المطلوب إذاً؟
هناك دور مهم يجب أن نقوم به تجاه هذه الفئة من الأطفال وأهم ما يجب فعله:
1 التعرف على العناصر الغذائية اللازمة للمريض وتعويض النقص، بأن يقوم أخصائي التغذية العلاجية بتقييم الحالة بدقة.
2 اختيار الطعام المناسب والمفضل للشخص، سواء في قوامه فأحيانا يكون سائلا أو شبه سائل أو مهروسا، أو يكون مختلفا في طعمه أو قيمته الغذائية، وأحيانا يحتاج الطفل إلى عناصر غذائية معينة، أحيانا نحتاج لاعطائه غذاء مركزا لزيادة وزنه مثلا، مشكلة بسيطة مثل عدم قدرة الطفل على مضغ طعام معين تجعله يرفضه للأبد بالذات إذا أجبر على تناوله وهو صغير.
3 العناية بالوضع الجسدي الصحيح للشخص عند تناول الطعام، فأحيانا قد يدخل الطعام لمجرى التنفس لضعف عضلات الفكين مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وهناك اختبار اسمه اختبار البلع يجرى باستخدام الأشعة للرضع للتأكد من قدرته على عملية البلع وبعدها يتم اختيار الطريقة المناسبة للإطعام، هناك تقنيات بسيطة يمكن تدريب الأم عليها لعملها للطفل لكي يتناول غذاءه بشكل سليم ويتدرب عليه.
4 تدريب الشخص ليطعم نفسه منذ الصغر، وهناك طرق غاية في الدقة لتعليم الطفل، مثلا الوضع الصحيح للملعقة وحجمها ونوعيتها بحيث تكون بميلان معين وطريقة مسك معينة وكيفية خاصة لوضع الطعام في الملعقة، ولو رأيتم إحدى هذه الطرق لتعجبتم من مدى تأثير تلك الاختلافات البسيطة في تلك الأوضاع ودقتها.
5 استعمال الأدوات الخاصة بالمعاق حسب إعاقته، فهذا سيسهل كثيرا عملية الإطعام، وهذا موضوع يطول الحديث فيه لأن الأدوات الخاصة مختلفة ومتباينة تبعاً لنوعية الإعاقة.
6 العناية بالحالة النفسية للشخص ومعاملته كالأسوياء بقدر الإمكان.
7 العناية الخاصة بالفم والأسنان، والأماكن التي تتأثر بسبب طول الجلوس اوالاستلقاء.
8 العناية بالألياف الغذائية لتقليل الإمساك، لأن قلة الحركة تزيد إمكانية حدوثه.
9 استشارة الفريق الطبي المعالج، ففي مثل هذه الأمراض يحتاج المريض لأكثر من مختص في تخصصات مختلفة علاجية وتأهيلية وتدريبية.
لهذا تتضح أهمية التدريب الدقيق للوالدين وبالذات للأم، فمعرفة الطرق الصحيحة تسهل تنشئة الطفل المعاق والتعامل معه بالأسلوب العلمي الصحيح، فقد يتصور البعض ان لا فائدة ولا يمكن التعامل مع تلك المشكلة مع ان هناك علماء وأبحاث دقيقة ومختصين في تلك المجالات، قضوا حياتهم مع نماذج مختلفة وطرق متباينة حتى وصل الجميع إلى أفضل الطرق وأنجحها، فلماذا نبدأ من الصفر؟؟
الجنود المجهولون
تختلف حالات الإعاقة من شخص لآخر ولكن تتضح تلك الاختلافات بشكل أكبر نظراً لاختلاف مسببات الإعاقة ووقتها، فأحيانا تكون بسبب حادث تعرض له الشخص وهو بالغ، أو تعرض لحادث وهو طفل، أو ولد وهو معاق، فلكم ان تتخيلوا تلك الفروقات الصحية والنفسية، ولكي نقدر أولئك الجنود المجهولين الذين يتولون رعاية المعاقين دعوني اطرح بعض المشكلات التي يمكن ان يواجهونها ولا أستطيع تقديم حل لأنه وكما قلت تختلف طريقة علاج المشكلة حسب الحالة، مثلا ماذا لو رفض الطعام؟ أو أكل بنهم؟ أو رفض طعاما معينا في حين ان الأنواع قد تكون محدودة حسب وضع الإعاقة، أو انه رفض المضغ لأنه يتعبه لصعوبة التحكم في عضلات الفكين؟ أو عند وجود صعوبة في اجلاس الشخص، أو عند وجود المشكلة الكبرى وهي فقد الشهية؟ تخيلوا انكم تعاملتم مع احد هؤلاء، ماذا ستفعلون..؟
إذن لنحمد الله أن عافانا مما ابتلى به كثير من الناس وندعو لكل معاق ومن يقوم بخدمته طوال حياته ونبشرهم بالأجر العظيم، فالشوكة يشاكها المسلم له بها أجر، فما بالك بالإعاقة؟
أتصدقون… أن المعاق يكون سببا لسعادة الأسرة وليس لتعاستها هذا ما رأيته بنفسي وقد تكونوا رأيتموه أنتم، بخلاف ما قد يتبادر لنا أو لبعض الوالدين بعد معرفتهم لأول مرة بأن طفلهم ستكون لديه إعاقة.
بقـلم:د. عبد العزيز بن محمد العثمان