الحمدلله كما ينبغى لجلاله وعظيم سلطانه ، ونعوذ بتوفيقه أن يقودنا الجهل به إلى الإغترار بحلمه ، ونسأله عز إسمه أن يُفقهنا فى كتابه الحكيم ، وأن يؤيدنا بروح من عنده ، حتى لاتزل قدم البيان فى حقيقة آباته ، وأن يجعلنا ـ تفضلا منه علينا ـ من أهل عفوه وعبيد إحسانه ، فنحن لتقصيرنا فى حق ربوبيته لا طاقة لنا بعدله فسبحانه تسامى بذاته عن مدارك الأوهام والأفكار ، وتعرف إلى خلقه بعظيم صنعه وجزيل نعمه ، وسبحانه لايعلم قدره غيره ولايحيط بوصفه الواصفون .
فالمتأمل فى هذه الآية
قال تعالى:
(ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم .. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ))
والذين تمرسوا بأسلوب القرآن بكثرة ترداد النظر فيه ، وإدمان التفقه فى أسراره يُدْركون سر التعبير عن يوم القيامة وما يقع فيه من أهوال مُذهلات للعقول بكلمة (( الساعة )) الدالة على تقليل الزمن حتى لكأنه لحظة تضيق أن يقع فيها شئ ، ومع ذلك فقد جعلها الله سبحانه وتعالى ظرفا يحوى بين جنباته هذه الأهوال بأحداثها التى أُجملت إجمالا فى التصوير يُغنى عن كل تفصيل ـ
يوم تذهل المراضع عن رضعها ، وتلقى الحوامل من بطونها ، وتذهب بألباب ذوى النهى والجَلَد من شدة ما عاينوا من الفاجعات والأهوال فتراهم سُكارى يتهافتون وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ـ
ألا ترى أخى فى الله هذا الإعجاز فى كلمة الساعة فنحن نعرفها بدقائق معدودات فقارن أنت مثيلتها فى القرآن الكريم .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة وفرج عنا أهوال (( الساعة )) برحمتك ياعفو ياكريم ..
بين الساعة والساعة ؟؟!!