تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الخوف والرجاء

الخوف والرجاء 2024.

الخوف والرجاء

يقول الله تعالى : ( ففرُّوا إِلى اللَّهِ إِني لكمْ منهُ نذِيرٌ مبينٌ ) الذاريات/50.

هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم ،تجمع معاني الخوف والرجاء : الخوف من الله تعالى ، واللجوء إليه سبحانه ،إذ لا منجا منه إلا إليه عز وجل ، أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل من سواه ، وأنه عز وجل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة . وفي " مدارج السالكين " (1/469-481) للعلامة ابن القيم كلام مطول مفيد عنمنزلة " الفرار " من منازل السائرين .

يقول الله تعالى : ( ففرُّوا إِلى اللَّهِ إِني لكمْ منهُ نذِيرٌ مبينٌ ) الذاريات/50.

قال الإمام الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره : فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به، واتباع أمره ، والعمل بطاعته ( إِني لكمْ منهُ نذِيرٌ ) يقول : إني لكم من الله نذير أنذركم عقابه ، وأخوّفكم عذابه الذي أحله بهؤلاء الأمم الذين قصّ عليكم قصصهم ، والذي هو مذيقهم في الآخرة . وقوله : ( مبينٌ ) يقول : يبين لكم نذارته " انتهى.

" جامع البيان " (22/440)

وقال القرطبي رحمه الله :

" لما تقدم ما جرى من تكذيب أممهم لأنبيائهم وإهلاكهم لذلك ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد ، أي قل لقومك : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) أي : فروا من معاصيه إلى طاعته .

وقال ابن عباس : فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه : فروا منه إليه واعملوا بطاعته .

وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : ( ففروا إلى الله ) اخرجوا إلى مكة .

وقال الحسين ابن الفضل : احترزوا من كل شيء دون الله ، فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه .

وقال أبو بكر الوراق : فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن .

وقال الجنيد : الشيطان داع إلى الباطل ، ففروا إلى الله يمنعكم منه .

وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر .

وقال عمرو بن عثمان : فروا من أنفسكم إلى ربكم .

وقال أيضا : فروا إلى ما سبق لكم من الله ، ولا تعتمدوا على حركاتكم .

وقال سهل بن عبد الله : فروا مما سوى الله إلى الله .

( إني لكم منه نذير مبين ) أي : أنذركم عقابه على الكفر والمعصية " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " ( 17/53-54 )

وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" لما دعا العباد للنظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هوالمقصود من ذلك ، وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًاوباطنًا ، إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنا ، فرار من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، و من الغفلة إلى ذكر الله ،فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله ، وقد زال عنه المرهوب ، وحصل له نهاية المراد والمطلوب .

وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره ، وكل من خفت منه فررت منه ، إلا الله تعالى ؛ فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه ، ( إِني لكمْ منهُ نذِيرٌ مبينٌ ) ؛ أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بينُ النذارة " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن " (ص/811)

جزاكي الله خير …
خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.