الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله ,
نبينا محمد وعلى آله وصحبه
ومن والاه . أما بعد :
(( تسحروا فإن في السحور بركة )) .
والشرب وقت السحر , استعداداً للصيام , ويذكر الحكمة فيه وهي حلول البركة .
والبركة هي نزول الخير الإلهي في الشيء , وثبوته , وهي الزيادة في الخير ,
والأجر , وكل ما يحتاجه العبد من منافع الدنيا والآخرة .
ومما يلاحظ على بعض الصائمين أنه لا يأبه بوجوبه السحور , ولا بتأخيرها ,
فربما تركها البتة , وربما تناولها في منتصف أو قبل أن ينام , إما خزفاً من
عدم القيام , أو لرغبته في النوم فترة أطول , أو لقلة مبالاته بالسحور مباركاته ,
أو لجهله بذلك , أو نحو ذلك من الأسباب الأخرى .
وهذا خطأ ينبغي للصائم تلافيه , لما فيه من مخالفة السنة , وحرمان بركات السحور ,
فحري بالصائم أن يتسحر , وأن يؤخر سحوره إلى ما قبل الفجر ولو كان
السحور قليلاً , لما في ذلك من الخيرات والبركات العظيمة وإليك أيها الصائم الكريم
نبذة عن بعض البركات , والخيرات والأسرار الحاصلة بالسحور :
أولاً :
أنه استجابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك فضلاً وشرفاً ..
وقال : { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } .
ثانياً :
أن السحور شعار المسلمين , وأن فيه مخالفة لأهل الكتاب , فهو فصل
ما بين صيامنا وصيامهم .
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم : (( فضل ما بين صيامنا وصيام
أهل الكتاب أكلة السحر )) .
ثالثاً :
حصول الخيرية والمحافظة عليها ,
فعن سهل ابن سعد ألساعدي – رضيالله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يزال الناس بخير ما
عجلوا الفطر وأخروا السحور )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
رابعاً :
أن في السحور تقوية على الطاعة , وإعانة على العبادة وزيادة في
النشاط والعمل , فإن الجائع الظامئ يكسل عن العبادة والعمل .
خامساً :
حصول الصلاة من الله وملائكته على المتسحرين ,
فعن ابن عمر – رضيالله عنه – مرفوعاً : (( إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين )) [ رواه ابن
حبان , والطبراني في الأوسط , وحسنه الألباني ] .
سادساً :
أن في السحور مدافعة لسوء الخلق الذي يثيره الجوع .
سابعاً :
أ
ن وقت السحور وقت مبارك , فهو وقت النزول الإلهي – كما يليقبجلاله – وهذا وقت إجابة الدعوات , وإقالة العثرات , قال صلى الله عليه
وسلم (( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من
يدعوني فأستجيب له , من يسألني فأعطيه , من يستغفرني فأغفر له )) متفق عليه . ولهذا ترى خواص المؤمنين يتعرضون في هذا الوقت الجليل لألطاف ربهم ومواهبه ,
فيقومون لعبوديته خاشعين , متضرعين , داعين يرجون منه حصول مطالبهم التي
وعدهم بها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فالذي يقوم للسحور حري به أن
يحصل على هذه الفائدة العظيمة .
ثامناً :
أن وقت السحر من أفضل أوقات الاستغفار إن لم يكن أفضلها , كيف وقد أثنى
الله – عز وجل – على المستغفرين في ذلك الوقت بقوله : { والمستغفرين بالأسحار } وقوله : (( وبالأسحار هم يستغفرون )) . فالقيام للسحور سبب لإدراك هذه الفضيلة ,
ونيل بركات الاستغفار المتعددة .
تاسعاً ::
أن تناول السحور أضمن لإجابة المؤذن بصلاة الفجر , ومتابعته , ولا يخفى
ما في ذلك من الأجر والثواب .
عاشراً :
أنه أضمن لإدراك صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة , لأن النائم قد
تفوته صلاة الفجر .
وهذا مشاهد , فإن عدد المصلين في صلاة الصبح مع الجماعة في رمضان أكثر من
غيره , من أجل السحور .
حادي عشر :
أن تناول السحور – في حد ذاته – عبادة إذا نوى بها التقوى على
طاعة الله , والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم .
ثاني عشر:
أن الصائم إذا تسحر لا يمل إعادة الصيام, بل يشتاق إليه, خلافاً لمن
لم يتسحر , فإنه يجد حرجاً ومشقة يثقلان عليه العودة إليه .
ثالث عشر :
أن الله – عز وجل – يطرح البركة في عمل المتسحر , فحري به أن
يوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم , فلا يثقله الصيام عن أداء الصلوات , ولا
الآيتان بالأذكار , ونوافل العبادات والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , بخلاف
ما إذا ترك السحور , فإن الصيام يثقله عن الأعمال الصالحة .
هذه البركات المتلمسة من التسحر , وبالجملة فإن بركات السحور كثيرة , ولا
يمكن الإتيان عليها , والإحاطة بها , فلله – عز وجل – في شرعه حكم وأسرار
تحتار فيها العقول , وقد لا تحيط منها إلا بأقل القليل .
فحري بنا أن نستحضر هذه المعاني العظيمة وألا نضيع هذه الخيرات الكثيرة , وجدير
بنا أن نتواصى بالخير , وأن نذكر أنفسنا وإخواننا بالبر , فنكون بذلك ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه ..
اللهم أنزل علينا من بركاتك , وأدم علينا خيراتك , ووفقنا للعمل بكتابك , وسنة
نبيك صلى الله عليه واله وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
والله ولي التوفيق
دمتم بخـــير.
اختــي الفااضلهــ
ع الموضوع القيــم
لاتحرمينــا من كل يديد
فمــ الله ـــان