لا شك بأن الأعراض التي تصاحب الأمراض النفسية كانت سبباً
في إثارة وتحفيز مخيلة الناس لنسج كل تلك القصص
والروايات حول الأمراض النفسية ، فإن عدد من
المرضي النفسيين تحدث لهم مجموعة من
التخيلات والأوهام ، فقد ينتاب المريض
النفسي وهو بأنه مطارد وأنه مكروه
وأن جميع الناس يضطهدونه
ويتآمرون عليه . وأن حياته
في خطر ، فينعزل عن
الناس ويكون سريع
الانفعال
وعلي النقيض قد ينتابه شعوراً بالألفة والانشراح والإحساس
بأن ذو قدرات وإمكانات لا حدود لها ، قد تصل أحياناً
لدرجة الشعور بالعظمة والتعالي علي الناس
، والأمر ليس متوقفاً علي الأوهام الشعورية
، بل هذه الأوهام قد تدخل دائرة الإدراك
والإحساس ، فقد يسمع أحياناً أصواتاً
تحادثه ، وقد يدخل معها في نقاش
وحوار ، وقد يتراءى له أنه يري
أشياء لا يراها سواه ، بل
قد يشعر بأن حشرات
قد غزت جسده وأنها
تدب علي جسده
، وهكذا فإنه لا
حدود للتخيلات
والأوهام التي
يمكن أن
تصاحب
المرض النفسي
، وبالنسبة للشخص المريض فإن ما يشعر به ويدركه فإنه
حقيقة لا تقبل الجدل والنقاش ، فهو غير مستعد
لأن يقبل من أحد أن يشكك في حقيقة
مشاعره أو ما يعتقد ، بل في أحيان
كثيرة تكون مواجهته بالحقيقة
سبباً في ثورته وغضبه
، والسبب في ذلك
أن المراكز
الحسية
في المخ تكون متهيجة نتيجة خلل في الموصلات
للإشارة العصبية ، وبالتالي فإن ما يعتبره
الشخص السليم أنه هذيان وتخريف
، فإنه بالنسبة للشخص المريض
لا ينقصه من مقومات الحقيقة
شئ علي الإطلاق ،
وبالتالي فإنه
يصعب علي
الشخص المريض تقبل أي رأي يعاكس حقيقة
ما يشعر به ويدركه .
******[/frame]