تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ولادة حب من رحم الشات !!

ولادة حب من رحم الشات !! 2024.

  • بواسطة

ولادة حب من رحم الشات

عندما أغلقت على نفسي باب غرفتي وتوجهت إلى مكتبي المليء بالفوضى والكتب المتناثرة هنا وهناك وبقايا أوراق متكدسة على ظهر المكتب أصابني نوع من الاختناق وقذفت بنفسي على الكرسي وأخذت أتنفس بعمق من شدة الإرهاق حتى سكنت جوارحي تماماً مثل البالون المنتفخ عندما تقوم بوخزه بإبرة فينكمش ، وصرت أتامل مكتبتي التي تقبع في زاوية الغرفة وأمرر نظري عبر الرفوف المكتظة بالكتب فوقع بصري على كتاب كنت قد قرأته منذ فترة طويلة ، هذا الكتاب يتحدث عن الحب والعشق والهوى فانثال عليّ عبيرها ورائحتها الزكية ، جاءني طيفها يحمل صورتها التي تشبه البدر اذا تهلل في كبد السماء ، تذكرتك ياحبيبتي وحبك الذي غمر كل جوارحي وانسكب في أعماقي مثلما ينسكب الماء البارد في جوف قلبِ ضامي .

إليك يا حبيبتي أروي لك هذه الحكاية ، حكاية الحب الذي انبجس نوره من مكان لم يكن في يوم من الأيام أتوقع ولادة الحب فيه ، ولكنه القدر ، فالقدر إذا أراد أن يحكم قبضته على شيء فلن يردعه أحد أو تحول بينه وبين قوته أي قوة ، فما أجمل القضاء عندما يمد يديه إليك ويمنحك السعادة والحياة ، فأنتِ يا هبة السماء كنتِ أجمل قضاء .

بعد ابتعادي الطويل عن مواقع الدردشة لإقتناعي التام بأنها تسرق منّا الأوقات والأعمار وتأخذ من حياتنا أكثر مما تعطينا إلا أنني ذات ليلة داهمتني رغبة عارمة في الدخول إلى إحدى مواقع الدردشة تحت سطوة الفراغ الذي كان يتلبسني في ذلك الوقت ، فدخلت إحدى غرف هذا ( Chat) وأخذت أتأمل في الأسماء المستعارة الموجودة في ذلك الـ( room) فكانت معظمها أسماء تحمل معاني براقة وجميلة وهكذا الأقنعة بلا شك غالباً ما تكون مليئة بالأصباغ والألوان حتى يخيّل إليك أنها الكواكب والنجوم أو هي أجمل من ذلك ، فوقع نظري على أحد الأسماء المستعارة وأخذ بتلابيب إهتمامي وصوبت كل تركيزي عليه دون أدنى سبب ومن غير أن أشعر ، صرت أتابع كل كلمة يكتبها وكل عبارة يطرحها ، فأسرني اسلوبه وطريقة كلامه فخالجني شعور جميل وغريب في نفس الوقت ، تمنيت منذ الوهلة الأولى التي رأيت اسمه أن أتحدث معه لوقت طويل ، لن أنسى هذا الاسم المستعار يا حبيبتي ( أركد ياقلبي ) فقد كان مثل الشامة السوداء في خد أمرأة بيضاء لأنه جذبني كمان يجذب الحارس الجلاد المتهم لساحة القضاء ، فحاولت أن أرسل لها بعض الإشارات حتى تشعر بوجودي أو تنتبه لكلامي ولكن باءت كل محاولاتي بالفشل الذريع ، فقطعت عهداً على نفسي أن أتجاذب معها أطراف الحديث بأي صورة كانت ، فكررت المحاولة تلو المحاولة حتى أستطعت أن الفت انتباها وبادلتني بعض العبارات المنمقة اللطيفة التي عشعشت في عقلي واستقرت بداخلة .
توالت الأيام والليالي وأنا أدخل إلى هذا الـ ( room) الذي أصبح جزءاً من تفكيري ولا يفارقني طيلة الوقت ، كله بسبب ذلك الاسم المستعار ( أركد يا قلبي ) الذي أستعمر مساحة شاسعة من حياتي وأنا في قمة الاندهاش والذهول لما أصابني جراء هذه الإنسانة التي تحمل ذلك ( الاسم ) وكيف تمردت على حياتي بهذه السرعة ؟ هل هو عبث الحب ؟ أ كان يلاعبني طيلة الوقت ؟ إنه لشيء رائع مخيف ، يقتحم الحياة ليشحن المستقبل بشتى الاحتمالات .. !!

في كل ليلة أقترب منها أكثر ، شعرت بأنها لي وحدي لكثرة ما يدور بيني وبينها من الكلام ، فأصبحت تركز على كل كلمة أكتبها وترد عليها ، وتضحك من أي طرفة أقولها ، وتطرب لأي عبارة ساحرة تسمعها ، ذات نهار دخلت الـ ( room ) بعد غياب أستمر يومين بسبب ظروف الحياة وبعض الالتزامات ، دخلت وقد اجتاحني الشوق إلى الحديث معها وتفجرت في داخلي تساؤلات كثيرة :
هل يا ترى أحست بغيابي ؟
هل يا ترى أفتقدتني مثلما أفتقدها ؟
هل زارها الشوق إلى لقائي والحديث معي ؟
يا لهذا الجنون الذي يتربص بي ، ماذا فعلت بي تلك المرأة ، وكيف استطاعت أن تتحكم بحياتي وأنا لم أعرفها بعد ؟! ما سرّ هذه الجاذبية في شخصيتها ؟ لقد ملكتني وهي لا تشعر بذلك .

عندما دخلت الـ ( room ) رحبت بقدومي أيما ترحيب ولاحظت كيف يتناقز الفرح فوق كلماتها وهي تعاتبني على هذا الغياب . والذي أصابني بهوس من السعادة عندما حددت لي أيام الغياب حينما قالت : ( لك يومان غائب ) أين كنت ؟ حينئذ اطمئن قلبي وهدأت جوارحي لأنني تأكدت بأنها تبادلني نفس المشاعر المجهولة التي تعترينا ..!
ذات مرة جاءتني في محادثة خاصة لم أكن أتوقعها ولكنّي كنت أحلم بها لأني شعرت بأنني أريد أن أعبر لها عن مشاعر ملأت روحي وخنقت أنفاسي ، وما أن أستقر بنا الحال في تلك الخصوصية بدأ الحديث بيني وبينها يأخذ جانباً آخر بعيداً عن المزح والعفوية والضحك الذي أعتدنا عليه ، وبدأ كل منّا يسرد للآخر بعض من أموره الخاصة في جو حميمي خيالي لدرجة أننا لم نشعر بالوقت وانقضاء الساعات فقد كنّا تحت تخدير الولع والإعجاب وشبق كل منّا بالآخر .

مضى ما يقارب الثلاثة أشهر ونحن في تلاصق جميل وكان الزمن كفيل بأن يكشف خبايا المشاعر الملتهبة بيني وبينها ولم يبقى إلا الجرأة والبوح بها ، لأن كلمة ( أحبك ) تعني التغيير الجذري في حياتي وحياتها وتتبدل معها معالم الحياة ، فكانت الكلمة محبوسة في صدري حتى شعرت بأني أحمل على كاهلي جبلاً ضخماً يجب علي التخلص من هذا التعب ، وفعلاً نطقتها ! .. نعم لقد قلت لها ( أحبك ) وتزلزل كيانها وفتحت أخاديد قلبها حتى أصب مشاعري فيها وأحاطتني بذراعيها وقالت هاك قلبي فقد كان معك قبل أن تنطق بهذه الكلمة .

عشت معها أجمل اللحظات في حياتي وفتحنا معاً نافذةً تخرج منها أسراب الأحزان والآلام وطردناها إلى غير رجعة وغرسنا في باطن الأرض بذور الحب وسقيناها بالماء العذب وشدونا على الأغصان أجمل الألحان ولهونا وضحكنا كطفلين لا يعرفان معنى للأسى أو هموم المستقبل ، كل ما يدور في خلدينا هو الحب , لا شيء غير الحب ولهفة اللقاء ولذة العناق وحرارة الشوق , لقد أستعمرتني ورضخت لاستعمارها بكل إرادتي وأعلنت لها الولاء ووضعت التاج على رأسها بيدي وسلمتها زمام الأمور فهي الملكة المتوجة على عرش حياتي .
الحب لا تحكمه الأماكن ولا تقيده الأزمنة ولا يرضخ لأي قانون يكبل حريته أو يقف عثرة في طريقة ، فهو المشرع الوحيد على قلوب البشر بأن تحب وتهوى في أي وقت يشاء أو في أي مكان يريد بعد مشيئة الله الذي خلق نبتة الحب في كل كائن حي ، حبيبتي ما زال عبق حبك يخترق أنفاسي ويضفي على حياتي رائحة زكية ومازال حبك يتجدد في كل يوم حتى لآحت في الأفق نهايتنا السعيدة التي ستغدو لحناً على كل الشفاة ، وحكاية على كل لسان ، وأنشودة تصدح بها البلال على الأغصان .

بقلم : عناقيد / الجدير بالذكر

قصة جميلة برأيكم لمتى هدا الحب سيبقى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.