بسم الله، والحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله، وبعد :
يقول فضيلة الأستاذ الدكتورمحمد أحمد المسير –أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر-:
الصومُ عبادة رُوحية ترقَىبالإنسانِ إلى مستَوى الملأ الأعلى، حيث يَمتَنِع عن الطعام والشراب والشهوة منطلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فالصيام مطلوب على وجه العموم بحيث يجعل المسلم من أيام دهرهأوقاتًا للصيام يتجرد فيها من المادة، ويُقَوِّي عزيمته، وتصفو نفسه وتتألق روحه.
أما الصيام في شهر رجب بعينه فقد قال الإمام النووي: لم يثبتفي صومه نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه، وفي سنن أبي داود أن رسولالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها.
أما شهر شعبان فقد صح في صيامهأحاديث، منها ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: كان رسولالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، ومارأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُهفي شهر أكثر منه صيامًا في شعبان".
ومعنى الحديث أنالرسول الكريم لم يصم شهرًا كاملاً إلا رمضان، وكان يصوم في شعبان كثيرًا حتى قالتعائشة في بعض الروايات: "كان يَصُوم شعبانَ كله، كان يَصُوم شعبانَ إلا قليلًا".
وما عدا هذين الشهرين كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلمـ أحيانًا يصوم حتى يظن الناس أنه لا يفطر، وأحيانا يفطر أياما متوالية حتى يظنالناس أنه لا يصوم.
فالمسألةراجعة إلى انشراح الصدر والإقبال على الطاعة بلا ملَل أو فتور.
ولهذا قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ في صحيح الحديث: "خذوا منالأعمال ما تُطِيقون؛ فإن الله لن يَمَلَّ حتى تَمَلوا، وكان يقول: أَحَبُّ العملِإلى الله ما دام عليه صاحبُه وإن قلَّ".
والله أعلم