إذن هي دعوة للعمل ، حتى في أحلك الظروف وأشدها ، فلا مجال ولا مكان في ديننا وفي مجتمعنا للكسالى والبطالين !.
فعلى
الرغم من شدة آلام الحمل والمخاض التي مرت بالسيدة مريم عليها السلام لدرجة
أنها قد تمنت أن لو كانت نسياً منسياً "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا
وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا "، قد أمرها ربها بالعمل فقال جل في علاه :
"وهُزِّي إليكِ بجذعِ النَخْلة" …
فكيف ذلك وهو القادر على أن يأتيها بالرزق دونما عناء ، وقد كان كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا !.
ولكن رحمة الله عز وجل بعباده تجلت في دعوته للعمل والجد والاجتهاد .
لأنَّ فوائد العمل الجسدية والنفسية تظهر على شخصية الإنسان وسلوكه وسكناته .
فمن يعمل سيأكل ويشرب ويقي نفسه من الأمراض والمخاطر المحيطة به ، بل وسيقوى جسده أكثر "فكلي واشربي".
وعلى
ذلك يترتب وضع نفسي مريح لشعور الإنسان بكيانه واعتماده على نفسه وتحصيله
للرزق من جده وعرقه "وقرَّي عيناً " وقرة العين لا يشعر بها من حصل على
رزقه وقوت يومه بصدقة من هذا ، أو هبة من ذاك !.
إذن
ومع المعاني الكثيرة والمتعددة لقصة مريم عليها السلام ، لا بد وأن نقف عند
هذه الدعوة الصريحة للعمل ، فإن كان الله عز وجل قد أمر مريم وهي في أحلك
ظرف من ألم وتعب وإرهاق أن تعمل ، فمن باب أولى أن نذَّكر الأصحاء
والقادرين على العمل بهذه الدعوة الإلهية .
فمجتمعنا وبلدنا وأمتنا تحتاج إلى الرجال العاملين والنساء العاملات ، كي ننهض من جديد ونلحق بأمم كثيرة قد سبقتنا بالعلم والعمل .