تستخدم مساحيق الغسيل على أساس يومي بقصد تنظيف ثيابنا. ولكن، ما الذي سيحدث أن اكتشفنا أن المساحيق ذاتها تتسبب بإحداث ضرر أكبر من فائدتها لنا؟ وما الذي سيحدث إن كانت الحلول التي نبحث عنها تصبح أسوأ من المشكلة ذاتها، إلى الدرجة التي تصبح فيه مصدر خطر كبير على أفراد أسرنا؟
فالذين يغسلون ثيابهم باستخدام مساحيق الغسيل يجدون أن من الصعب إزالة المسحوق بشكل تام، بالرغم من عدد مرات فرك الثياب أو دورات الغسالة. إذ أن بقايا مسحوق الغسيل تبقى ملتصقة بأنسجة الأقمشة التي صنعت منها الملابس.
تشكل مساحيق الغسيل كتل على الملابس، وتترك بقايا لها حتى بعد أن تترك منقوعة في الماء. وتتبقى بقايا هذه المواد الكيماوية على الملابس، وهناك احتمال أن يتم امتصاصها عن طريق الجلد، أو أن تتبخر في الهواء بحيث يمكن استنشاقها ودخولها إلى الجهاز التنفسي.
عند ملاعبة أو حمل أطفالنا فإن ملابسنا تلامس أولئك الأطفال، والأطفال بطبعهم ميالون للإمساك أو لمس أو حتى وضع ملابسنا في فمهم وابتلاع ما بها. وقد سجلت طوال السنين الماضية مئات الحالات، في المنطقة وفي العالم، لابتلاع أطفال لمساحيق غسيل مما استدعى إدخالهم إلى المستشفيات. وليس مفاجأً أن جميع الأطفال الذين عانوا من تلك التجربة المزعجة هم من الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين السنة والسنتين ونصف السنة.
ويراجع المستشفيات ما يقارب من 500 طفل في كل أسبوع لاعتقاد ذويهم بأنهم قد ابتلعوا مادة سامة. ومن الملفت أن كل الأطفال الذين يتم إدخالهم المستشفى هم أطفال ابتلعوا، أو استنشقوا مادة واحدة، وهي مساحيق الغسيل... ووجد الأطباء أن ابتلاع مساحيق الغسيل قد يتسبب في مشاكل حادة في التنفس، تتطلب في بعض الحالات إدخال المريض إلى قسم العناية الحثيثة، والحاجة لإدخال أنبوب في القصبة الهوائية للكي تبقى مفتوحة.
وقال الدكتور فخري عزام أخصائي طب الأطفال: "مشكلة ترك مساحيق الغسيل بقايا على الملابس مشكلة تعرفها جميع ربات البيوت. وبالتالي، فإننا نواجه في العمل الصحي سيلاً متنوعاً من الشكاوى المختلفة مثل صعوبة التنفس، وحساسية الجلد، فيما تكون المخاطر الصحية أكبر بكثير في حال ابتلاع مساحيق الغسيل. والمادة السامة الموجودة في مساحيق الغسيل هي السبب الرئيسي في تلك المخاطر. فقد لا تظهر أعراض مشاكل التنفس إلا بعد ساعة أو ساعتين من ابتلاع مساحيق الغسيل، وقد تحصل مشاكل التنفس حتى لو تم ابتلاع كميات بسيطة من المساحيق".
وأخيراً، يجب ألا ننسى احتمال تأثير مساحيق الغسيل على العين، والتي قد تؤدي لإتلافهما. فإن كان أحد الأطفال يلعب بمسحوق غسيل، أو اقترب من ثياب فيها بقايا لمسحوق الغسيل، سيتطاير بعض جزيئات المسحوق وتحمل مع تيار الهواء لتدخل إلى عيني الطفل. وفي بعض الأحيان، قد يدخل مسحوق الغسيل إلى عيني الطفل أو حتى أحد منا إن قام بفرك عينية بذراعه التي يغطيها الثوب الذي يحتوي على بقايا مسحوق الغسيل. يجب التنبيه إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تلف القرنية. إذ يمكن أن تكون مساحيق الغسيل خطرة وشديدة السمية في المنازل.
إن ابتلاع مثل هذه السموم قد يكون له آثار شديدة على أجزاء مختلفة من الجسم. ومن بين الأعراض الأخرى لمساحيق الغسيل الإحساس بألم شديد، أو تقيأ الدم، أو إخفاق القلب، وصعوبات في التنفس، أو حدوث حروق أو ثقوب في الجلد أو الأنسجة الموجدة أسفله.
ورغم أنه من الضروري مراقبة الأطفال في كل لحظة إلا أنه يصعب التنبؤ بما سيقومون به كل الوقت لتجنب المخاطر التي قد تأتيهم.
ولذلك السبب، فمن الأفضل استخدام بدائل عصرية أكثر أماناً، بدلاً من الندم.