إن الإنسان يتفاعل مع الكون ويتأثر به، ومن ذلك تفاعله مع فصول السنة. وقد ارتبط كل فصل منها بعضو رئيس في الجسم؛ فالشتاء مرتبط بالرئة والربيع مرتبط بالكبد والصيف مرتبط بالمرارة والخريف مرتبط بالطحال،
، وبالتالي عندما يدخل الإنسان في فصل الصيف يكون هناك تركز للعصارة الصفراء في المرارة، ومن فوائدها أنها تساعد الإنسان على هضم وتفكيك الدهون، كما تساعده على محاربة الإمساك حين تقل رطوبة الجسم في الصيف بسبب التعرق. لذا في فصل الصيف نحتاج إلى التوازن في استعمال هذا المخزون من العصارة فنحتاج إلى التقليل مما يثير المرارة وينشط إفرازاتها مثل الأكلات الدهنية والحارة الجافة وخصوصا الحوامض. ومن الأمور التي تثير المرارة الجوع والعطش وكثرة السهر، حيث إن الإفراط فيما ذكر سابقا لفترة طويلة يتسبب مع الوقت في حدوث التهاب للمرارة، وإذا أهمل قد يتطور إلى ترسبات ترابية تحدث انسدادا في مجاري المرارة وإذا أهمل تبدأ حصوات المرارة في التكون.
ومن علامات التهاب المرارة حدوث نوبات ألم فجائية من المغص المراري التي تزيد في النهار مترافقة مع زيادة حرارة الجو، ويشعر المريض بألم شديد في أعلى البطن قد يستمر إلى عدة ساعات ويصاحبه ألم تحت منطقة الكتف الأيمن. وقد يصاحب هذه النوبة شعور بالغثيان والتقيؤ وتتميز هذه النوبات بأنها حادة وشديدة الألم، ومشابهة نوعا ما إلى نوبة المغص الكلوي.
وإذا تم إهمال الحالة مع زيادة التعرض لمثيرات المرارة يحدث رعشات وحمى واصفرار لون الجلد والعين والبول، وذلك ناتج عن انتشار الصفراء في الجسم وقد ترافقه آلام حادة في المفاصل مع تغير في لون البراز فيجب حينها مراجعة الطبيب في الحال. ومن الأمراض التي تزداد حدة مع زيادة الصفراء الصدفية، الإكزيما، آلام المفاصل، التهاب البروستات، تصلب الشرايين، عرق النسا، وقد يحدث مضاعفات لمرضى السكري. كما لوحظ أن زيادة الصفراء في الدم تسرع من حدوث الشيب المبكر للشعر.
. .
وللوقاية من هذه الأمراض بإذن الله أن ينتبه الإنسان لفصل السنة الذي فيه بحيث يكون غذاؤه متوافقا مع هذا الفصل، وكذلك متوافق مع نوع بدنه. .
.
ومن الأسباب أيضا التي تهيج المرارة كثرة خروج الماء من الجسم؛ إما بالتعرق وإما لتناول مدرات البول، ويلاحظ أن السكر الأبيض المكرر يزيد من الإدرار لأنه يرفع سكر الدم بسرعة. ومن الناس الذين يعانون في الصيف أكثر من غيرهم مرضى السكري، حيث إنهم أكثر عرضة من غيرهم لمشكلات المرارة بسبب فقد الماء الكثير لديهم بسبب كثرة التبول.
وللحفاظ على الرطوبة في الجسم، يفضل إضافة الملح الطبيعي والأفضل البحري للسلطات كي يحبس الماء في الجسم ويعوض نقص المعادن الناتج عن التعرق. وللتقليل من هذه المسببات ينصح بالتقليل من الدسم الزائد في الأكل وترك تناول الأكلات صعبة الهضم خاصة في المساء والتقليل من الشيّ الزائد لأنه يجفف الأطعمة. كما ينصح في الصيف بتقليل السهر، والإكثار من شرب الماء ومحاربة الجوع الشديد وتناول الأكلات الباردة الرطبة، مثل: اللبن الطبيعي قبل الوجبات بفترة مع تناول سلطات يكون فيها خيار أو خس و تناول الفواكه – وينصح بها قبل الوجبات بفترة – مثل التفاح الأخضر والأناناس أو الموز أو المانجو والرمان الحلو والمشمش، أو تناول المشروبات مثل الشاي الأخضر والتمر هندي وحتى، هذه المشروبات لا ينصح بالإكثار منها في الصيف بإفراط لأنها تبرد الجسم وتقلل تعرقه بشكل كبير. ومن أراد تناول العسل فيلذيبه في الماء لأنه إذا خلط بالماء خفت شدة حرارة العسل واكتسب رطوبة فأصبح متزنا.
ومن أمثلة التوازن الغذائي في الصيف لمحبي تناول الشطة أن يتناولها مع السلطات الباردة، وكذلك من أراد إضافة الخل الطبيعي للسلطات فليكن بعد البدء بالوجبات الدسمة.
ومن الأخطاء التي تضعف الهضم في فصل الصيف تناول الآيس كريم أو العصير البارد أو الماء شديد البرودة بعد الوجبات مباشرة، مما يسبب مع الوقت ضعف الهضم والخمول وقد يتسبب في حدوث انسداد في الجسم بسبب عدم هضم الطعام بشكل كامل. كما يعتبر دخول الصفراء للدم مسبباً لما يعرف بحرارة الدم (حموضة الدم) وكي نبرد الدم وننقيه من الصفراء يتناول مشروب التمر هندي أو قمر الدين (المشمش) في الصيف، حيث يعتبران من المشروبات المبردة للدم،
.
وأخير لمن يعاني من التهاب أو آلام في المرارة أو تجمعات ترابية ينصح بترك ما ذكر أعلاه من مثيرات المرارة وخاصة في فصل الصيف، وأن يكثر من شرب الماء وأن يأكل يوميا خمس حبات من التفاح الأخضر مع شرب كأس من عصير التفاح الأخضر مع جزر مع فجل أبيض يوميا (لا يضاف الفجل لهذا العصير لمن لديه قرحة معدية أو في الاثني عشر أو يوجد لديه ضعف كبير في الغدة الدرقية)، ويجب عليه أن يقلل من الدهون في أكله ويستخدم سلطة الملفوف الأبيض والبنفسجي والجزر مع شرب النعناع مع الشاي الأخضر بين الوجبات لمدة ثلاثة أسابيع.