هل يمكن أن نصلي صلاة السنة القبلية التي قبل صلاة الظهر أربع ركعات بتسليمة واحدة وتشهدين: فعند بحثنا وجدنا أن من أهل الحديث من يستشهد بحديث (أبي داوود و الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة بلفظ(أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح له أبواب السماء) وأحاديث أخرى حسنة يرتب عليها بعض أهل الحديث جواز صلاة الأربع ركعات بتسليمة واحدة وجزيتم خيرا؟
الجواب :
الحمد لله
الحديث المذكور في السؤال رواه أبو داود في سننه برقم ( 1272 ) وابن ماجة (1157) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) ، ولفظ ابن ماجة (لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ وَقَالَ إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ) ، وهذا الحديث ضعيف .
قال النووي رحمه الله : "ضعفه يحيى القطان ، وأبو داود ، والحفاظ ، ومداره على عبيدة بن معتب ، وهو ضعيف بالاتفاق ، سيء الحفظ " انتهى من "خلاصة الأحكام ومهمات السنن" (1/538) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله فيه : "حديث حسن دون قوله: " ليس فيهن تسليم " انتهى من تخريج أحاديث أبي داود . (5/11) .
وقد جاء عن علي رضي الله عنه قَالَ : (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ) رواه الترمذي (429) وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله .
واختلف أهل العلم رحمهم الله في معنى هذا الحديث فقال بعضهم المراد بقوله ( يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ ) بأن يسلم عن يمينه وعن شماله…
وقال آخرون : المراد بـ " التسليم.." الجلوس للتشهد في الركعة الثانية .
قال المباكفوري رحمه الله : قال الترمذي: اختار إسحاق بن راهوية أن لا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال معنى قوله: " يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد " . وقال البغوي: " المراد بالتسليم التشهد دون السلام. أي وسمي تسليماًَ على من ذكر لاشتماله عليه.
قال الطيبي: ويؤيده حديث عبد الله بن مسعود: " كنا إذا صلينا قلنا السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل، وكان ذلك في التشهد- انتهى.
وقيل: المراد به تسليم التحلل من الصلاة ، حمله على هذا من اختار أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى .
قال العراقي : حمل بعضهم هذا على أن المراد بالفصل بالتسليم التشهد ؛ لأن فيه السلام على النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى عباد الله الصالحين، قاله إسحاق بن إبراهيم ، فإنه كان يرى صلاة النهار أربعاً ، قال : وفيما أَوَّله عليه بُعد – انتهى كلام العراقي .
قال الشيخ في شرح الترمذي: ولا بُعد عندي فيما أوّله عليه، بل هو الظاهر القريب بل هو المتعين إذ النبيون والمرسلون لا يحضرون الصلاة حتى ينويهم المصلي بقوله: السلام عليكم فكيف يراد بالتسليم تسليم التحلل من الصلاة- انتهى.
قلت: ولقائل أن يقول : يكفي للخطاب بقوله السلام عليكم شهود الأنبياء والمرسلين واستحضارهم في القلب وتصورهم في النفس وإن لم يكونوا حاضرين في الخارج، فلا مانع من أن يراد بالتسليم تسليم التحلل من الصلاة " انتهى من " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (4/148) .
وفي شرح سنن أبي داود للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله : " وقد فهم بعضهم من قوله: " يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المؤمنين " . أنه يعني تسليم التحلل من الصلاة، ورده الشيخ علي القارئ في شرح الشمائل.
وسئل سماحة الشيخ ابن باز رحمة الله عليه: هل تجوز صلاة الأربع قبل الظهر ولو لم أنو إلا بعد الدخول في الصلاة، وأيهما أفضل التشهد بينهما كالظهر أم الوصل بدون تشهد فما تعليقكم على ذلك؟
فأجاب رحمه الله: "يصلي كل ركعتين على حدة، ثم يسلم منهما، والأصل في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ). رواه الخمسة بإسناد جيد، فهذا الحديث يدل على أن المستحب في صلاة تطوع الليل والنهار أن تكون مثنى مثنى، إلا ما خصه الدليل، فإن صلاها أربعاً جميعاً فلا حرج؛ لإطلاق بعض الأحاديث الواردة في ذلك" انتهى .
والله أعلم
[/frame]
وشكراً ع الموعظة الهادفة
والنافعة بإذن الله