بين الحلال والحرام
قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِوسلمَ: "لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ٍ عنْعُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَأخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ".
وسأعرض هنا لأحد هذه الأربعة التى ذكرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث الشريف وهى المال :
يُسْأَلُ الإنسانُ منْ أينَ جَمَعْتَ هذا المالَإنْ كانَ أخذَهُ من حَلالٍ وصَرَفَهُ في حلالٍ في غَيْرِ معصيَةِ اللهِ ،ليسَ عليهِ عُقوبَةٌ بلْ إنْ صَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ في نَفَقَةِ أهلِهِوفي الصَّدَقَاتِ ونحوِ ذلِكَ يكونُ هذا المَالُ الذي جَمَعَهُ منْ حلالٍوصَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ ذُخراً كبيراً في الآخِرَةِ .
و أما إنْ جَمَعَهُمِنْ حَرامٍ فالوَيْلُ لهُ ثُمَّ الوَيْلُ ، وَأمَا إنْ جَمَعَهُ مِنْ حرامٍوصرفَهُ في الصَّدَقَاتِ لا يَقْبَلُ اللهُ منهُ. ليس كُلُّ ما يصِلُاليهِ يَدُ الإنسانِ حلالاً حتى الشئُ الذي تَصِلُ إليهِ يَدُهُ منْ غيرِطريقِ السَّرِقَةِ والغَصْبِ منهُ ما هو محرَّمٌ، المالُ له أحكامٌ ،القرءانُ الكريمُ ذكرَ المالَ الحلالَ والمالَ الحرامَ . فإذا جَمعَ المالَمنْ حرامٍ ثم صرفَ منهُ كثيراً في بناءِ مسجِدٍ ونَحْوِ ذَلكَ لا يقبلُاللهُ مِنهُ، اللهُ لا يقبلُ منَ الصَّدقاتِ وبناءِ المساجِدِ ونحوِ ذلكَإلا ما كان من مالٍ حلالٍ.
وإن بعضُ الناسِ يجمعونَ المالَ من حرامٍ ، فيكونُ عندهُم من المالٌ الكثيرٌ ثميموتونَ ويتركونَ هذا المالَ لأهليهِم وأقارِبِهِم ، هؤلاء الناس تركواوَبَالاً عليْهم ِ فيُسْالون عنْ مالهِم مِنْ أيْنَأخذوهُ وفيما أنْفَقَوهُ ، هؤلاءِ أهلُهُ ينتفِعونَ بهِ أما هم فيُؤاخَذُون عليهِ فيالآخِرةِ لأنَّهُ مالٌ حرامٌ
جَمَعَوهُ لهم من طريقٍ حَرَامٍ ثم تركوهُ لهموذهبَوا الى القبرِ.
والصَّدقَةُ منْ مالٍ حلالٍ قدْ يغفِرُ اللهُ بها بعضَ الكَبَائِرِ، والصَّدقَةُ منَ المالِ الحلالِ لها نفعٌ كبيرٌ مهما قلَّتْ ، ولها عندَ اللهِوَزْنٌ كبيرٌ لذلكَ قالَ الرسول عليهِ الصلاة و السَّلامُ : " سبََقَ دِرْهَمٌمِائةَ ألفِ دِرْهمٍ " قيل : كيف ذلك يا رسولَ اللهِ قال: " رَجُلٌ لهُدِرهَمَانِ (أي من حلال) تصَدَّقَ بِأحدِهِما وأبقى الآخَرَ لِنَفْسِهِورجُل ءاخَرُ تَصدَّقَ بمائةِ ألفٍ مِنْ عُرْضِ مالِهِ " أي لهُ مالٌ كثيرٌ،
منْ هذا المالِ الكثيرِ الذي هو ملايينُ أعطى مائَةَ ألفٍ وترَكَلِنَفسِهِ الكَثيرَ الكثيرَ، الرَّسولُ قالَ هذا الذي تَصَدَّقَ بِدِرهَمٍوترَكَ لِنَفسِهِ دِرهماً ثَوابُهُ
أعظَمُ من ذاكَ الذي تصَدَّقَ بِمائَةِألفٍ لأنَّ هذا غَلَبَ نفسَهُ لأجلِ الآخرَةِ ما قالَ أنا ما عِندي إلاَّدِرْهَمَانِ كيفَ أُخرِجُ دِرهماً منهُما ؟ آثَرَ الآخِرَةَ وخالفَ نفسَهُوَرَغِبَ فيما عِندَ اللهِ منَ الثَّوابِ ، هذا ثوابُهُ أفضَلُ من ذلكَالغنيِّ ليس شرْطاً أنْ يكونَ الشخصُ تصَدَّقَ بالكثيرِ بَلِ العِبْرَةُأنْ يكونَ المالُ حلالاً ثمَّ لو تصدَّقَ بحبَّةِ تَمْرٍ على إنسانٍ جائِعٍهذهِ التَّمرَةُ الواحِدَةُ لها عندَ اللهِ وزْنٌ كبيرٌ قدْ يعْتِقُاللهُ المُسلِمَ منْ ذُنُوبٍ كبيرةٍ بِصدَقَةٍ قليلةٍ إنْ كانَ المالُحلالاً وكانتِ النيَةُ تقرُّباً إلى اللهِ ليسَ للرياءِ ليسَ لِيُقالَفلانٌ كريمٌ يبْذُلُ المالَ للهِ ، إنَّما نِيَّتُهُ التَّقربُ إلى اللهِبلا رِياءٍ .
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك .
اللهم آمين يارب العالمين وصل الله على سيدنا ومولانا وحبيبنا وشفيعنا وقائدنا ومُعلمنا وعلى آله وصحبة وسلم تسليما كثيرا .