عندما يحدث الحمل تحدث بعض التغيرات الفسيولوجية التي تؤثر على الجلد وبعد ذلك تظهر عليه علامات ومظاهر ، وسرعان ما تختفي بعد الولادة مباشرة أو يمكن أن تأخذ بعض الوقت .
أن جميع الأعراض الفسيولوجية التي تصاحب فترة الحمل سواء في الجلد أو في الأعضاء الداخلية الأخرى ، تحدث نتيجة التغير في نسبة الهرمونات المختلفة لدى السيدة الحامل ، فقد تكون نتيجة تغيرات في هرمونات المبيض في الثلاث اشهر الأولي من الحمل ، ويقل دورها بعد ذلك لتسيطر هرمونات أخري على الموقف . كما أن بعض الغدد الصماء لدى السيدة الحامل تزداد في نشاطها مثل الغدة النخامية Pituitary gland والغدة الكظرية Suprarenal gland و الغدة الدرقية Thyroid gland ، وكما نعلم جميعا ما تلعبه هذه الغدد في جسم الإنسان من دور مهم مؤثر و أساسي في وظائف الجسم المختلفة . وأنه من المعروف علميا أن اثر فاعلية هرمون معين يختلف من إنسان إلى آخر نتيجة اختلاف استجابة هذا العضو أو ذاك من أعضاء الجسم ، ولذلك فإن التغيرات الفسيولوجية المصاحبة للحمل قد تختلف من سيدة إلى أخرى .
التغيرات الفسيولوجية الجلدية أثناء الحمل
التغير في لون الجلد Hyperpigmentation
أن زيادة لون الجلد تعتبر من التغيرات الشائعة و المعروفة في فترة الحمل في أكثر من 90% من السيدات الحوامل ، وعادة تكون هذه الزيادة في لون الجلد في بعض المناطق التي تتميز بلون داكن مثل الحلمتين و ألا بطين و الفخذين و الأعضاء التناسلية .
ويحدث زيادة اللون في الأشهر الأولى الثلاث من الحمل و تمتد مع زيادة في شدة لون الجلد من خلال الأشهر التالية حتى نهاية الحمل و الولادة ، و من ثم يبدأ هذا اللون في الاختفاء تدريجيا .
لقد أرجع كثير من الباحثين سبب زيادة لون الجلد في فترة الحمل إلى عدة أسباب منها الاستعداد الوراثي و أن الخلايا الملونة للجلد Melanocytic cells تكون خاضعة لتأثير هرمون الغدة النخامية ويسمى MSH الذي يزداد نشاطه في فترة الحمل ،
حيث وجد هؤلاء الباحثين أن هذا الهرمون موجود بنسب عالية جدا في بول السيدات الحوامل مقارنة بسيدات غير حوامل . وبعد الولادة فأن هذا الهرمون يرجع تدريجيا الى معدلاته الطبيعية ويرجع لون الجلد إلى حالته السابقة . ومن الأسباب الأخرى زيادة نسبة هرمون البروجستيرون Progesterone و الاستروجين Estrogen لما لهذين الهرمونين من تأثير قوي ومنشط كما هو معروف لخلايا التلوين .
لقد وجد أن كثير من السيدات الحوامل الذين توجد لديهن نمش Freckles أو وحمات Naevus تزداد شدة تلوينها و غمقانها .
كما يحدث تلوين في بعض المناطق المكشوفة مثل الوجه وخاصة الجبهة و الوجنتين و الأنف ، وهو ما يعرف بكلف الحمل Melasma وهو عرض شائع جدا بين السيدات الحوامل وقد يمتد وجوده إلى ما بعد الولادة بشهور وفي حالات قليلة إلى عدة سنوات ،
وقد ثبت من أن كلف الحمل يصيب حوالي 50% إلى 70% من الحوامل في الأشهر الأخيرة من الحمل ،
ويتميز كلف الحمل بظهور بقع بنية فاتحة محددة الشكل بالوجه في الناحتين . ولا يظهر هذا الكلف إلا في المناطق المعرضة للشمس ، حيث أن أشعة الشمس تنشط خلايا التلوين في منطقة الوجه .
ويعتبر الأطباء و الباحثين أن الكلف المصاحب للحمل ما هو إلا ظاهرة فسيولوجية مصاحبة للحمل و أن كان لا يظهر في كل حالات الحمل . وكما ذكرنا سابقا فأن تأثير الهرمون على خلايا التلوين تختلف من سيدة إلى أخرى .
أن معظم حالات الكلف تبدأ في الاختفاء تدريجيا ، وينصح بعدم التعرض للشمس مع استخدام كريمات مضادة لأشعة الشمس ، و عدم وضع المكياج أو الكريمات الذي تحتوي على مواد عطرية قد تؤدي إلى زيادة أثر أشعة الشمس على خلايا التلوين بالجلد .
التعاريج البيضاء Striae distansae
أن التعرجات الجلدية المصاحبة للحمل تشاهد في أغلب السيدات الحوامل وتبدأ في الشهر السادس و السابع وتظهر على شكل خطوط طولية غير منتظمة الشكل في جدار البطن ثم سرعان ما تظهر بالصدر و الذراع وفي أنحاء أخرى بالجسم ، وتكون هذه التعرجات حمراء اللون في بداية الأمر ثم ما يلبث هذا اللون في الاختفاء تدريجيا ، وتصبح هذه الخطوط بيضاء باهتة اللون .
لقد أكد كثير من الباحثين أن سبب هذه التعرجات يرجع إلى تمدد جدار البطن نتيجة الحمل مع وجود استعداد وراثي الذي له دور كبير في حدوث هذه التعاريج ، ولكن ليس السبب الوحيد في حدوثها ، إذ أن هذه التعاريج و الخطوط يمكن أن تشاهد عند سيدات دون حدوث حمل وكذلك لدى الرجال وخاصة عند سن البلوغ .
واصبح من المؤكد الآن من أن هرمونات الغدة الكظرية Adrenocortical Hormones تلعب دورا أساسيا في ظهور هذه الخطوط مع وجود تمدد جدار البطن هو الذي يحدد مكان حدوث هذه التعرجات ، وعلى ذلك فإنها يمكن أن تحدث في الفخذين ، وفي الآليتين ، و الكتفين عند حدوث تمدد للجلد في هذه المناطق نتيجة للسمنة للأشخاص الذين يتميزون بالاستعداد لظهور هذه التعاريج . إن هذه التعرجات تكون نتيجة حدوث ضمور وتمزق في بعض ألياف النسيج الضام Collagen fibers الموجودة في الجلد وخاصة ألياف المرونة Elastic fibers وبسبب ذلك تبدو هذه التعرجات منخفضة عن سطح الجلد ،
ولقد وجد كثير من الباحثين أن تدليك هذه التعرجات بزيت الزيتون يساعد على التئام هذه التعرجات ويؤدي إلى اختفائها تدريجيا .
الأوعية الدموية و الوحمات Vascular angiomas
يؤدي ارتفاع نسبة هرمون الاستروجين إثناء الحمل إلى حدوث تمدد في الأوعية الدموية وخاصة الأوعية الدموية السطحية منها لدي السيدة الحامل ، ونتيجة لهذا التمدد تظهر بعض التعرجات الدموية ما بين الشهر الثاني و الخامس في الوجه أو نمو بعض الوحمات ، و خاصة ما يعرف بالوحمة العنكبوتية Spider angiomas التي تشبه العنكبوت في شكلها ،
وقد وجد أنها تحدث في الحوامل بنسبة 67% . في بداية الأشهر الأولى ونتيجة تمدد الأوعية الدموية يحدث في ثلثين السيدات الحوامل ما يسمى احمرار راحة اليدين Palmer erythema و تورم في الجفون و الشفتين و اليدين ، ويبدو هذا التورم اكثر وضوحا أثناء الصباح ثم يختفي تدريجيا في نهاية النهار .
أن ما يقارب من 40% من السيدات الحوامل تظهر عليهن ما يسمى بدوالي الساق Varicosities أو دوالي الشرج Hemorrhoidal varicosities ، وتحدث هذه الدوالي في الأشهر الأخيرة من الحمل كنتيجة لكبر حجم الرحم وضغطه على بعض الأوعية الدموية مما ينتج عنة هذه الدوالي و مضاعفاتها مثل النزيف المتكرر .
أن معظم هذه التغيرات الناتجة عن زيادة تمدد الأوعية الدموية تختفي بعد الولادة ، إلا أن بعضها قد يستمر الى بعض الوقت و خاصة الوحمات الدموية .
نمو الشعر لدى الحوامل
تحدث بعض التغيرات في شعر المرأة الحامل ، فيحدث تساقط لشعر فروة الرأس في خلال الأشهر الأولى و ذلك لارتفاع معدل البروجسترون ، وبعد الاشهر الأولى يرتفع معدل الاستروجين لدي السيدة الحامل ،
وهذا الهرمون كما هو معروف علميا يمنع تساقط الشعر حيث أنه يزيد من نسبة الشعيرات في طور النمو مما يجعل شعر فروة الرأس كثيفا في الشهور الست الأخيرة من الحمل ، ثم يحدث تساقط للشعر بعد الولادة بعدة أشهر بصورة كثيفة وذلك لانخفاض هرمون الاستروجين بالدم Telogen effluvium ، ثم يتم تعويض هذا التساقط بنمو شعيرات جديدة بعد بضعة شهور و يرجع شعر الرأس إلى وضعه الطبيعي قبل الحمل .
وكما ذكرنا سابقا أن نشاط هرمون الغدة الكظرية أثناء الحمل يؤدي إلى ظهور التعرجات ، فأنه يحدث كذلك في بعض الحوامل زيادة في شعر الحاجبين و الرموش و الوجه Hirsutism قد يزداد هذا الشعر في النمو ويتحول بعضة الى شعر خشن .
الزوائد الجلدية Skin tages
تظهر الزوائد الجلدية في الأشخاص البد ناء كما هو معروف ، ولكنها يمكن أن تبدأ مع الحمل ، وقد تتركز في جانبي الرقبة و الوجه و الصدر وتحت الإبطين
أن هذه الزوائد لا تسبب أي متاعب ويختفي معظمها بعد الولادة بعدة شهور ، ولكنها في بعض الأحيان تحتاج الى العلاج الكهربائي لإزالتها .
تضخم اللثة
يحدث تضخم في اللثة في 2% من السيدات الحوامل ، وقد تحدث بعض التورمات في اللثة لكن سرعان ما تختفي هذه العلامات بعد الولادة.
المناعة و الحمل
يحدث في جسم السيدة الحامل بعض التغيرات و التفاعلات الغير طبيعية نظرا لوجود جسم جديد داخل الرحم ( المشيمة ) فتتكون بعض المضادات أحيانا عند السيدة الحامل وتؤدي إلى ظهور بعض الأعراض و الأمراض على سطح جلد السيدة الحامل نتيجة هذه التفاعلات
الارتكاريا
تظهر بعض أنواع الارتكاريا الشديدة لدي بعض السيدات الحوامل دون سبب واضح ، وتأخذ هذه الارتكاريا شكل البقع الحمراء وتتمركز حول السرة و أعلى الفخذين .
الحكة الجلدية Pruritus
من الأعراض الجلدية الشائعة في فترة الحمل تصيب حوالي20% من السيدات الحوامل و تتميز بظهور حكة شديدة في كافة أنحاء الجسم أو في منطقة معينه و محددة .
و تظهر على شكل حبوب مصحوبة بحكة شديدة ، وخاصة في الشهور الوسطى و الأخيرة من الحمل . وتكون أكثر ظهورا في منطقة البطن و الفخذين و أحيانا الصدر و اليدين .
وقد تستجيب كثير من هذه الحالات الى مضادات الهستامين المسموح لبعضها أثناء فترة الحمل ، مع استخدام العلاجات الموضعية المناسبة لكل حالة من مرطبات و من مشتقات الكورتيزون الموضعي تحت الإشراف الطبي .
أن هنا أمراض جلدية عديدة يؤثر فيها الحمل ، أي أن الحمل ليس سببا لها ، ولكنها تكون موجودة قبل حدوث الحمل ، وتتأثر بالحمل إلى حد كبير و منها
الثألول W
خاصة النوع التناسلي الذي يظهر على الأعضاء التناسلية فقد وجد أن هذا النوع يزداد في الأشهر الخمس الأولى وذلك نتيجة زيادة الدورة الدموية في هذه المناطق .
حب الشباب Acne vulgaris
كما هو معروف أن حب الشباب يحدث عند سن البلوغ ، وكما ذكرنا سابقا في بداية الحديث أن هناك زيادة في إفراز هرمون ألا ستروجين أثناء الحمل ، فقد وجد أن هذا الهرمون الأنثوي يؤدي إلى تحسن حب الشباب لدى الفتيات و السيدات وعلى ذلك فان ارتفاع نسبة هذا الهرمون أثناء الحمل يؤدي الى تحسن حالات حب الشباب في كثير من السيدات الحوامل .
التينيا و المونيليا Fungal & Candidal infection
أن بعض الفطريات و الخمائر يزداد نموها أثناء فترة الحمل وذلك نتيجة لزيادة الإفرازات المهلبة ، ولذلك فان تينيا و مونيليا الفخذين تحدث بكثرة في الشهور الأخيرة من الحمل ، وتسبب حكة شديدة في الأعضاء التناسلية ويجب علاج هذه الفطريات و مونيليا المهبل قبل الولادة حتى لا يتعرض المولود للإصابة بالمونيلياأثناء الولادة