تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » المفاهيم الخاطئة حول صلاة الإستخارة

المفاهيم الخاطئة حول صلاة الإستخارة 2024.

  • بواسطة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الإستخارة في الأمور كلها كمايعلمنا السورة من القرآن ، يقول : (( إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علّام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسمّي حاجته – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال :عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ويسّره لي ، ثم بارك ليّ فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال : عاجله وآجله – فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به )) أخرجه البخاري .

أولاً : اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الإستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين، وهذا غيرصحيح ، لقوله في الحديث: (( إذا همّ أحدكم بالأمر..)).
ولم يقل ( إذا تردد )،والهمّ مرتبة تسبق العزم ، كما قال الناظم مبيّناً مراتب القصد:
مراتب القصد خمس: (هاجس) ذكروا فـ (خاطر)، فـ (حديث النفس) فاستمعا يليه ( همّ ) فـ ( عزم ) كلها،رُفعتْ سوى الأخير ففيه الأخذ قــد وقعا.

فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل،وليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد همّ بفعله، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه،فإن كان قد همّ بتركه فليستخر على الترك، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات، فعليه أوّلاً ـ بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم والاختصاص ـ أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات، فإذا همّ بفعله، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة.

ثانياً : اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة، كالزواج والسفر ونحو ذلك ، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم ، وهذا اعتقاد غير صحيح ، لقول الراوي في الحديث: (( كان يعلّمنا الإستخارة في الأمور كلّها.. )).

ولم يقل: في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة، وهذا الإعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الإستخارة في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال؛ ويكون لها أثر كبيرفي حياتهم.

ثالثاً : اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الإستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين، وهذا غير صحيح، لقوله في الحديث: (( فليركع ركعتين من غير الفريضة.. )).
فقوله: "من غير الفريضة" عامّ فيشمل تحيّة المسجد والسنن الرواتب وصلاة الضحى وسنّة الوضوء وغير ذلك من النوافل، فبالإمكان جعل إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للإستخارة، وهذه إحدى صور تداخل العبادات، وذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة الإستخارة، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة.

رابعاً : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الإستخارة ، وهذا لا دليل عليه ، لأنّ حقيقة الإستخارة تفويض الأمر لله ، حتّى وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر، والله عز وجل يقول: (( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (البقرة:216)

وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس في حيرة وتردد حتى بعد الإستخارة، وربّما كرّر الإستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة وتردّداً ، لا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له ،والإستخارة إنّما شرعت لإزالة مثل هذا التردد والاضطراب والحيرة.
وهناك إعتقاد أنه لابد من شعور بالراحة أو عدمها بعد صلاة الإستخارة وهذا غير صحيح ، فربما يعتري المرء شعور بأحدهما وربما لا ينتابه أي شعور فلا يردده ذلك بل الصحيح أن الله يسير له ما أختاره له من أمر ويتمه.

خامساً : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب، وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الإستخارة انتظاراً للرؤيا، وهذا الإعتقاد لا دليل عليه، بل الواجب على العبد بعد الإستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب، فذلك نور على نور ، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.

هذه بعض المفاهيم الخاطئة : حول صلاة الإستخارة، والتي قد تصدر أحياناً من بعض المنتسبين للعلم، ممّا يؤصّل هذه المفاهيم في نفوس الناس، وسبب ذلك التقليد الجامد، وعدم تدبّر النصوص الشرعية كما ينبغي، ولست بهذا أزكي نفسي، فالخطأ واقع من الجميع.

هذا ومن أراد الإستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتاب: ( سرّ النجاح ومفتاح الخير والبركة والفلاح )، وهو كتيّب صغير الحجم ، ففيه المزيد من المسائل المهمة، والشواهد الواقعية الدالة على أهمية هذه الصلاة ، وفهم أسرارها ومراميها ، والله تعالى أعلم.
للشيخ د محمد بن عبدالعزيز المسند

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.