القدس أقدم مدن الأرض وترجع نشأتها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد وكان أول إسم أطلق عليها مدينة السلام ولأنها قضية حضارية ثقافية إنسانية دينية سياسية ولأنها المدينة المقدسة لكل
بنى البشر وهذا ما يميزها عن بقية مدن العالم ويبقيها بؤرة للصراع العربي الإسرائيلي ويبقي القضية الفلسطينية قائمة على معادلة لا فلسطين بدون القدس ولا قدس بدون فلسطين.
ان ارتباطنا كمسلمين وعرب بالقدس يعود إلى آلاف السنين فهي قبلتنا الأولى ومسرى رسولنا محمد "صلى الله عليه وسلم" ومن صخرتها عرج الرسول "صلعم" إلى السماء. ومنذ الفتح العمري للمدينة المقدسة على يد الخليفة عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" كانت القدس ولا زالت جل اهتمامنا حيث كانت مقراً للعلماء والفقهاء ورمزاً لعزة وكرامة العرب والمسلمين.
إن ما يحدث الآن في القدس من منع سلطات الاحتلال الاسرائيلية لنشاطات وفعاليات سواءً على الصعيد الثقافي أو الإجتماعي أو السياسي وما جرى مؤخراً من إقدام السلطات الإسرائيلية بمنع أي نشاط أو احتفال أو مهرجان أو لقاء فلسطيني في القدس سواءً أكانت هذه النشاطات اجتماعية او سياسية. بغض النظر عن نوعية وماهية النشاط ومن الجهة القائمة عليه، و رأينا ان السلطات الإسرائيلية داهمت وتداهم كافة المواقع التي يمكن ان يكون فيها أي نشاط وتحت أي مسمى والحجة لذلك هي أنها أي اسرائيل تطبق ما ورد في اتفاقيات اوسلو آه… آه المؤتمرات والاتفاقيات شماعة للإسرائيليين ومن يواليهم ويدعمهم والواقع مغاير ومخالف لكل ذلك؟
إن على اسرائيل ان تعلم وتعي بأن منع مثل هذه النشاطات والفعاليات وإغلاق المؤسسات وحل الجمعيات ما هو إلا مؤقت وعلى الرغم من مخالفتهم لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تمنح أهالي المدينة الحرية والحق للقيام باي نشاط او فعالية والتعامل بأن القدس مدينة محتلة كبقية المدن الفلسطينية وأن ما حصل من حملات استيطانية واسعة لتطويق المدينة وسن قانون يقضي بضم القدس وخلق واقع ديمغرافي لصالح اسرائيل والتضييق على السكان العرب ومنعهم من حق الإقامة والبناء وفرض الضرائب الباهظة عليننا لإجبارنا على مغادرة المدينة فلكل ذلك ولو ضوعف بعشرات ومئات وآلاف المرات سنظل أصحاب ارادة قوية كالصوان وجذور كشجرة الزيتون المباركة ضاربة بجذورها في الأعماق وعلى امتداد الأرض ولأننا نعلم بأن المقدسات الاسلامية والمسيحية لم تسلم ولن تسلم من الأذى والمحاولات المستمرة لتدميرها ورغما عن الأنفاق والحفريات والخطر الشديد الذي يتعرض له الحجر والبشر والشجر في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك سيظل أهل القدس الصامدون المرابطون الصابرون على كل ما يلحق بهم من أذى في سبيل الذود والدفاع وحماية الأرض والمدينة ستظل القبلة الأولى ومسرى محمد "صلى الله عليه وسلم" وقيامة المسيح عليه السلام، هذه هي القدس وهؤلاء هم المقدسيون هذه المدينة التي انطلقت من عبق التاريخ والتي يسمع في اسواقها وشوارعها وأزقتها المرصوفة صلال سيوف المسلمين وصلاح الدين وهم يدافعون عنها، حقيقة ان القدس اليوم خزينة تقفل متاجرها وينام أهلها قبل مغيب الشمس وكأنها مدينة أشباح ويمنع من دخولها حتىأصحابها إلا بتصارح من المحتل، وصحيح أنها تعيش صراع البقاء صراع بين كل ما هو عربي اسلامي وصراع بين تهويدها وطمس كل معالمها وآثارها وحضارتها وثقافتها العربية الاسلامية المسيحية ولكن استذكر هنا معركتين اليرموك وحطين لاستعادتها وكذلك استعادتها بالصلح والسلم ولكن بعد المعركتين الفاصلتين.
فسؤالي هل سيتم استعادة القدس سلما وصلحا أم اننا نحتاج الى معركة فاصلة لنفك أسرها ونزيل حزنها ونمسح دموع ثكلاها وشيوخها وأطفالها ونسائها. ولكنني اعود إلى حديث الرسول "صلعم"
(القدس ارض المحشر والمنشر اتوه فصلوا فيه فإن الصلاة فيه كألف صلاة)
فيقينا ستسقط كل الأقنعة وستبقى القدس مثالا للتسامح الديني وسنعيدها معا الى وجهها الحضاري العربي الاسلامي لتظل زهرة المدائن ومدينة السلام.