جاء في بعض كتب اللغة أنّ الصّرح: هو القصر، وكل بناء عالٍ مشرف. ولكننا نسأل لماذا سُمي القصرُ قصرا في القرآن، ولماذا سمي الصّرحُ صرحاً في نفس القران ؟
وقد وردت كلمة الصرح في القرآن الكريم أربع مرّات؛ في سورة النمل عند الحديث عن سليمان، عليه السلام، وملكة سبأ، وفي سورة القصص وغافر.
وإنّ الحل القصدي يدعونا إلى إعادة النظر في فهم لفظة الصّرح التي وردت في سورة النمل كي لا نقع في تضليل الاعتباط : ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل : 44]
فقد كانت ملكة سبأ ممن يسجد للشمس ، كما صرّحت الآيات الكريمة، وهذا يشير إلى اهتمام ملكة سبأ بالعلوم الفلكية ولكن أرجو ان يلاحظ القارئ هذه الايات الثلاث ففيها دلالة جميلة على مناقشة سليمان عليه السلام لملكة سبأ وما يتعلق بمعتقداتها فهذا النص يحتاج ان نقف عليه لنتبين ما الذي جرى آنذاك .
فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ{42} وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ{43} قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{44}
لقد وجدنا ملكة سبأ تصرّ على دينها القديم ، حتى عندما تجلّت أمامها معجزة إحضار العرش وتنكيره فهي حسبت هذا الامر طبيعي ولم تعبأ به فجاء النص موضحاً صدودها وعدم اسلامها ( وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ{43} ، فكان لا بد من مناقشتها في عقيدتها من قبل نبي الله سليمان عليه السلام ، وتعريفها بحقيقة الشمس والأفلاك التي تعبدها.
من هنا نفهم ان الصرح مرتبط بالفضاء وأن دخولها للصرح هو دخولٌ للمرصد الزجاجي الضخم، وذلك من أجل تعريفها بواقع الفضاء والاجرام السماوية، ومناقشتها في عقيدتها فلا يعقل ان نبي الله سليمان عليه السلام لم يناقشها فهي مُهيّأة لمثل هذا العلم: " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ … وهنا أدخلت وهي مأمورة بعد عملية التنكير للعرش وهذا يوضح لنا كم كان النقاش محتدم مع ملكة سبأ وكم كانت رافضة للإسلام … فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِير..". نعم هو شفّاف وخالص من الشوائب، فهو إذن وكما نسميه اليوم مرصد فضائي ولكنه متطور جداً ، ويبدو أنّ عظمة هذا المرصد تتجلّى في انعكاس الأجرام السماويّة في قاعدته الزجاجيّة، وظهر ذلك في ردّة فعل ملكة سبأ، عندما كشفت عن ساقيها. ولا ندري كم استغرق من الوقت وجود ملكة سبأ داخل المرصد، لأنّ هذا التواجد هو الذي جعلها تُعلن إسلامها: " قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". ويبدو أنّه قد تمّ تعريفها بحقيقة العالم الفضائي وحقيقة الاجرام السماوية، التي كانت تعبد من دون الله. ولا شك أنّ هذه النقلة في المعارف ساعدتها على النقلة العقائدية.
وتسمية المرصد صرحاً صريحة الدلالة إذا عرفنا دلالة الحروف وفق اللغة الموحد .
الصاد : تحويل الحركة المستقرة إلى حركة لها القدرة على التطور والتشكل لمواجهة أي طارئ على الحركة.
الراء : الراء تكرار منظم واستحضار لجميع الحركات
الحاء: تكبير الحركة إلى أقصى حد ممكنٍ
ان دلالة الحروف تشير الى ان هذا الصّرح متطور جدا بحيث يشكل صور الاجرام السماوية ويستحضرها ومن ثم يكبرها الى درجة وجدت ملكة سبأ نفسها في مكان آخر كأنها في عالم اخر فهذا الصرح يكشف، ويُجلّي، ويُظهر، لإنّه مصنوع بشكل يفوق قدراتنا بحيث يتجاوز معوقات التلسكوبات من حجب الغازات والغبار ، فنحن نعرف ان العلم في يومنا هذا لا يتصور هكذا رقي علمي مع احدث ما توصلوا اليه من تقنية علمية فاليوم وكالة الفضاء ناسا في احدث مشروع لها اطلقت مرصد فضائي تبلغ كلفته بليوني دولار ويستطيع أن يدرس التاريخ المبكر للكون ، ويأتي هذا الجهد ليسلك الطريق الذي سبق أن سلكته ثلاثة مراصد أخرى شهيرة هي مراصد "هبل"، و"تشاندرا" و"كومبتون".
وسيقوم المرصد المعروف باسم، "منشأة التلسكوب الفضائية العاملة بواسطة الأشعة ما تحت الحمراء"، بالتقاط طاقة الأشعة ما تحت الحمراء (الحرارة) التي تصدرها النجوم، والمجرات والكواكب.
فهذه المحاولة غايتها ان تساعد علماء الفلك في أن يدرسوا أشياء باردة وبعيدة مخفية وراء حجب من الغازات والغبار والتي لا يمكن التقاطها بواسطة التلكسوبات التي تلتقط الضوء المرئي ، ولكن يجدر الإشارة إلى الفرق بين نتاج وكالة الفضاء ناسا ونتاج نبي الله سليمان عليه الإسلام ولا نعلم الحقائق التي كشفها الى ملكة سبأ في تلك المناظرة داخل الصرح هل كشف لها عن الأشياء التي تبحث عنها !؟
موارد أخرى للفظة الصّرح
ان لفظة الصرح جاءت في سورة القصص على لسان فرعون وهنا تسجل هذه اللفظة الاسبقية في استخدامها كزمن يسبق زمن نبي الله سليمان عليه السلام : " فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ". وقد تكرر هذا الطلب في سورة غافر:" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَاب، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِباً…" فهل هنالك فرق بين الطلبين ؟
وهل بلغت السذاجة بفرعون أن يطلب بناءاً عالياً يرقاه لينظر ويتحقق من وجود إله موسى عليه السلام ؟! وهل يَتصوّر فرعون أنّ المستمعين لهُ من الملأ وهم القيادات العليا لدولته بهذه السذاجة أيضاً ؟! فاننا نعرف ان في زمن فرعون من له علوم واكتشافات مهمة مثل قارون الذي وصفه النص {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }القصص76
بمعنى ان هنالك عقلية علمية تتزامن مع فرعون تأبى الاعتباط ! وهذه دلالة على ان هنالك سبق علمي وتراكم معرفي في مجالات شتى ! وعلى القارئ ان يلتفت الى نكتة مهمة وهي ان النص لم يبين نوعية الكنز الذي يملكة قارون بل اكتفى النص بالاشارة الى كثرة هذا الكنز فوصفة بالكنوز اما في مواضع اخر في القران تجده يحدد نوعية الكنز {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة34
فالمنهج يعتقد ان هذه الكنوز نتيجة علوم قد اوتيت الى قارون وهناك نصوص كثيرة تؤكد هذا الشيء
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }القصص78
{فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }الزمر49
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23
اذن وعلى ما تقدم نقول ما الذي يمنع أن يكون ما يطلبه فرعون أكثر جدّيّة مما يتبادر إلى ذهنية الاعتباط !؟
والسؤال المهم لماذا طلب فرعون من هامان في الموقف الاول ان يوقد له على الطين ويجعل له صرحا اما في الموقف الثاني طلب منه ان يبني له صّرحاً بمعزلٍ عن الطين بل مرتبط باسباب السموات ؟
أ : بيان الموقف الأول :
فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ
اننا نجد ان عقلية فرعون الخبيثة اوسع من ان تكون بهذه السذاجة وطلبه الذي طلبه من هامان ينمّ عن خبث وتلاعب فهو يحتاج الى حلّ سريع يلهي من خلاله الناس عن موسى عليه السلام ومن جهة أخرى يتفرغ الى العمل المرتبط باسباب السموات كما سياتيك في الموقف الثاني من طلبه لهامان.
نجد في طلب فرعون الاول تغاير وأختلاف عن الطلب الثاني في الطلب الاول نلاحظ لفظة ( أوقد لي ) وهي تختلف حتماً عن لفظة ( ابنِ لي ) في الطلب الثاني .
فلفظة أوقد نلاحظها في بعض موارد القران مرتبطة بالنار وهذا يعني تأجيج فتنـة وهنا يكشف لنا النص عن طبيعة فرعون الطاغوت! انه يعيش على الصراع -فالفتنة ليست وسيلة لديه للاستحواذ على الحكم. بل الحكم هو وسيلة للاستحواذ على النفوس عن طريق إضعافها وتدمير بعضها ببعض، فهو يرغب بالحكم ليحقق بالفتنة والحرب السيطرة وحسب فالموقف الاول لفرعون مرتبط بالهاء الناس عن موسى عليه السلام بتسخير كل طاقاتهم واستعبادها ببناء شيء وهمي كي يتفرغ لبناء شيء ثاني كما سنبينه في الموقف الثني ، ثم ان عبارته ( على الطين ) مختلفة عن التعبيرات القرآنية الأخرى التي وردت كلها بـ ( من الطين ) : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ….. َلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ….. وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ….. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ….. َاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ….. إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ ….. قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ….. لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ …..
فقول فرعون : َأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً )
كان مرتبطة باستغلال وأنهاك أتباع موسى عليه السلام انظر اخي القاريء لفظة اوقد وكيفية وردها في النص القرآني على بصيغها المختلفة :
• مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [البقرة : 17]
• وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة : 64]
• أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ [الرعد : 17]
• اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور : 35]
• وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ [القصص : 38]
• الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ [يس : 80]
• نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [الهُمَزَة : 6]
• (وقودها الناس والحجارة) [البقرة/24]
• (أولئك هم وقود النار) [آل عمران/10]
• (النار ذات الوقود) [البروج/5]
ب : الموقف الثاني :
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَاب، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِباً
من يدرس تاريخ الفراعنة يجد أنّ لهم السبق في تحديد السنة الشمسية بمقدار 365 يوما، وتقسيم السنة إلى 12 شهراً، والشهر30 يوما، واليوم 24 ساعة. بل إنّ بناء الأهرامات له علاقة بأبعاد فلكية، وقد بلغت الدّقة الهندسية لديهم بحيث أنّ الشمس تدخل الغرفةً الملكيّة مرّة في العام، وذلك في اليوم المحدد والساعة المحددة. من هنا ندرك أنّ الطلب الثاني لفرعون كان مرتبط ببناء مرصد يساعده في فهم حقائق البناء السّماوي . ويبدو أنّ فرعون اراد يستغل كل ما كان موجود عند الكهنة من اسرار فعلى ضوء ذلك نفهم طلبه : " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَاب، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى. فالأقرب إلى التّصور الجادّ أنّه يريد صناعة مرصد، فهو لا يحتاج إلى بناء عال ليرتقيه، فلديه الأهرامات التي بُنِيت قبل عصره. ومعلوم تاريخيّاً أنّ الفراعنة قد عرفوا المراصد، وراقبوا السماء، وبلغوا في ذلك مبلغاً.
وعلى وجه الخصوص عندما نعلم أنّ الأمم القديمة قبل الميلاد كان لها سبق في علم الفلك. وقد كانوا يعتقدون أنّ للأفلاك تأثيراً وتَحكُّماً، حتى في مصائر الناس. وبالتالي فإنّ العلل والأسباب الحقيقيّة عندهم هي في عالم الفلك. وفرعون هنا يريد أن يبلغ عالم الأسباب هذا ليطلّ منه بزعمه على حقائق الكون، ومنها حقيقة أنّ موسى عليه السلام، هو رسول من الله عز وجل. وهو بذلك يستخدم علم الفضاء لينفي أن يكون موسى عليه السلام، مرسلاً من ربه. وقد لمّح فرعون إلى ذلك بقوله: " وإني لأظنّه كاذبا". وعدم جزم فرعون هنا من أجل أن يظهر نفسه بمظهر الإنسان الموضوعي، الذي يبحث عن الدليل والبرهان ، وان ثبتت الفرضية العلمية التي تقول ان بناء الاهرامات وما توصل اليه الفراعنة من علوم هو بمساعدة مخلوقات فضائية نجد ان فرعون يبحث عن قوى خارجية تعينه على القوى التي اتى بها نبي الله موسى عليه السلام والتغلب على الايات التسع فالمنهج القصدي يرصد دهشة فرعون من امر السماء وتلاحظ خطابه عندما يتكلم كأن السماء وعدته بشي ثم استبدلت هذا الوعد بغيرة انظر اخي القارئ وتأمل دهشة فرعون {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي !!! فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ }القصص38
انه وصف موسى بالكذب لانه يعتقد ان هذا الامر مخصوص فيه ! ولا يعدو ان يخرج من سلالة الفراعنة فأن الفراعنة كان عندهم اسرار كثيرة مرتبطة بالفضاء ، تأمل أخي القارئ ورقة البردي الموجودة في متحف الفاتيكان القسم المصري وما كتب عليها ( في الشهر الثالث من السنة الثانية والعشرين رأى الكاتب دائرة من النار في السماء .. ليس لها صوت . ولها طول وعرض الزورق الكبير .. وخاف ومعه آخرون .. وذهب الى فرعون . وأجتمع فرعون وكثير من الجنود ، ورأوا كرة النار .. وخافوا .. وفي اليوم التالي تكاثرت كرات النار في السماء .. ولم يفهم احد أي شيء … وأتجه رجال الدين الى المعابد .. وطلب فرعون الى الكتبه ان يسجلوا ذلك )
كما أود ان اذكر شيء آخر قد قراءته في كتاب اسمه ( تفسير جديد لكتاب قديم ) اما الكتاب القديم فهو ( التاريخ ) الذي ألفه المؤرخ الإغريقي القديم هيرودوت ، فعندما جاء الى مصر اطلعه الكهنة على أسرار الحياة والموت والكون ، لقد ادخلوه المعابد وجعلوه يرى كرات من النار تطير امام عينيه دون ان تكون لها حرارة ، تروح وتجيء عندما يشير اليها الكهنة ، كما رأى اعواداً من الحديد ترتفع فوق سطح الارض وتظل معلقة في الفضاء .. )
فدعوت فرعون بالالوهية مرتبطة بما لديه من علوم كانت مخفية عن العامة ودعوة موسى عليه السلام أفشلت مخطط الالوهية لدى فرعون ، والبعض يزعم ان فرعون كان يملك اسم الله الاعظم وهذا من التفاهة بمكان بان لا نقف عليه ولا نناقشه بل يكفي منا القول انه كان يمتلك بعض العلوم التي كان يست****ا لغرضه الخاص . كما استخدم قارون علومه لغرضه الخاص