تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الصراط المستقيم

الصراط المستقيم

الصراط المستقيم

إذن ما هو الطريق المستقيم الذي ينبغي أن يسلكه السائر للوصول إلى قرب الله ولقائه؟

أشار القرآن الكريم إلى أنّ الانبياء جميعاً ، وعلى رأسهم خاتم الانبياء والمرسلين (صلوات الله عليهم أجمعين)، هم من الذين هداهم الله إلى الصراط المستقيم قال تعالى: (كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم * ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)([17]).

ثمّ أمرنا باتّباع الانبياء، واتخاذهم قدوة. قال تعالى: (أُولـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)([18]). بل نجد أنّه أكّد على اتّباع الرسول الخاتم (صلّى الله عليه وآله) بالخصوص واتخاذه أسوة وقدوة، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم )([19]). وقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً)([20]).

على هذا يكون الصراط المستقيم الموصِل إلى الله تعالى ، هو اتباع النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله).
ولا يتحقّق هذا الاتباع إلاّ بالاخذ بكلّ ما جاءنا عنه (صلّى الله عليه وآله) ، قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)([21])، وذلك لما جاء عن أبي حمزة الثمالي عن الامام الباقر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حجّة الوداع فقال: «أيّها الناس والله ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم من النار، إلاّ وقد أمرتكم به. وما من شيء يقرّبكم من النار ويباعدكم من الجنّة، إلاّ وقد نهيتكم عنه»([22]).

ولما كان النبي (صلّى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى، كما قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى)([23]). إذن لابدّ من اتباعه والاقتداء به (صلّى الله عليه وآله) للوصول إلى مرضاة الله تعالى.

ثمّ إنّ الرسول الاعظم(صلّى الله عليه وآله) حدّد كيفية اتباعه من أجل السير على الصراط المستقيم والنجاة من الضلالة بقوله: «إنّي تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»([24]).

حيث بيّن (صلّى الله عليه وآله) أنّ المنجي من الضلالة هو التمسّك بالقرآن والعترة الطاهرة (عليهم السلام)، لذا نقرأ في الدعاء: «اللّهم عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك، اللّهم عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللّهم عرّفني حجّتك فإنك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني»([25]).

ممّا تقدّم يتبيّن أنّ الذي ينجي الانسان من الضلالة ويهديه الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة هو معرفة الله ورسوله والحجّة في كلّ زمان.

ورد عن الامام العسكري (عليه السلام): «إنّ الوصول إلى الله عزّوجلّ سفر لا يدرك إلاّ بامتطاء الليل»([46]).

فتحصّل إلى هنا أنّ أفضل مركوب يمتطيه الانسان للسير إلى الله تعالى واللقاء به هو قيام الليل ، وأنّ أفضل الزاد هو التقوى ، وأنّ أفضل طريق هو الصراط المستقيم. وبهذا يتّضح دور التقوى في حياة الانسان ، وأين موضعها في منظومة المعارف الدينية ، إذ كثيراً ما يقع الحثّ على التقوى من دون أن يتّضح للسالك إلى الله تعالى موقع ذلك وموضعه.

إنّ الله قد أوضحَ لكم سبيل الحقّ وأنار طرقه ، فشقوة لازمة ، أو سعادة دائمة ، فتزوّدوا في أيّام الفناء لايّام البقاء ، قد دُللتم على الزاد ، وأمرتم بالظعن ، وحُثثتم على المسير، فإنّما أنتم كركب وقوف ، لا يدرون متى يؤمرون بالسير، ألا فما يصنع بالدنيا مَنْ خُلق للآخرة ، وما يصنع بالمال مَنْ عمّا قليل يُسلبُه ، وتبقى عليه تبعته وحسابه.

جزاكي الله خيرا وانار لكي طريقك ان شاء الله وجميع المسلمين
خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.