حديث تميم الداري عن المسيح الدجال
أكثر ما أثير من جدل حول تميم ورواياته حديث الجساسة ، وهو حديث أخرجه الإمام مسلم ، وروته فاطمة بنت قيس رضي الله عنها من فم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وهو يحدث الناس عن الدجال ، كما سمعه من تميم الذي كان نصرانياً ثم جاء فأسلم ، وحدث النبيَّ – صلى الله عليه وسلم- بحديث يوافق ما كان يحدث – صلى الله عليه وسلم- أصحابه عن الدجال وصفته .
وفيه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر وهو يضحك فقال : ( ليلزم كل إنسان مصلاه ، ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال ، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهراً في البحر ، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر ، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقالوا :
– ويلك ما أنت ؟
-فقالت : أنا الجساسة.
– قالوا : وما الجساسة ؟
-قالت : أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق.
-قال : لما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة.
-قال : فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خَلْقاً ، وأشده وثاقاً ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.
قلنا : ويلك ، ما أنت ؟
-قال : قد قدرتم على خبري ، فأخبروني ما أنتم ؟
-قالوا : نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية ، فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه ، فجلسنا في أقربها ، فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقلنا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة.
-فقال : أخبروني عن نخل بيسان.
-قلنا : عن أي شأنها تستخبر.
-قال : أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟
-قلنا له : نعم.
-قال : أما إنه يوشك أن لا تثمر ، قال : أخبروني عن بحيرة الطبرية.
-قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟
-قال : هل فيها ماء ؟
-قالوا : هي كثيرة الماء.
-قال : أما إن ماءها يوشك أن يذهب ، قال : أخبروني عن عين زغر.
-قالوا : عن أي شأنها تستخبر؟
-قال : هل في العين ماء ، وهل يزرع أهلها بماء العين؟
-قلنا له : نعم ، هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها.
-قال : أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟
-قالوا : قد خرج من مكة ونزل يثرب.
-قال : أقاتله العرب ؟
-قلنا : نعم.
-قال : كيف صنع بهم؟
فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه.
-قال لهم : قد كان ذلك؟
-قلنا : نعم.
-قال : أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه ، وإني مخبركم عني ، إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج ، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها.
قالت – أي فاطمة – : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وطعن بمخصرته في المنبر ، هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة – يعني المدينة – ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ فقال الناس : نعم. فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ، ألا إنه في بحر الشأم أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ، ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو ، وأومأ بيده إلى المشرق.
قالت: فحفظت هذا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم