لكي نفهم كيف تتحكم المثيرات الإجتماعية بسلوك الطفل ، لابد أن نميز أولا بين نوعين
من الإستجابات :
1-الإستجابة التي تعتبر جزءا من المخزون السلوكي الفطري للطفل .
2- الإستجابات التي -يتعلمها الطفل من بيئته.
فالطفل عند الولادة قادر على القيام بعدد من الإستجابات على درجة كبيرة من الأهمية
الإجتماعية . فعن طريق البكاء يتواصل الطفل الرضيع مع أولئك الذين يقومون على رعايته .
و عن طريق عملية المص ، لا يبتلع الطفل الطعام فقط ، بل يكون الإتصال الأول
مع إنسان آخر . كما أن توجه الطفل نحو الأشياء في محاولة للإمساك بها و القبض
عليها يشكل الخطوة الأولى لسلوك التعلق الإجتماعي الذي يتطور فيما بعد . بل إن القدرة
على الضحك و التبسم ، رغم أنها في الأيام الأولى من الحياة تكون ضعيفة و نادرة ،
تعتبر هي الأخرى جزءا من المخزون السلوكي الفطري عند هذا الطفل الوليد .
إن إدراك الأهمية الإجتماعية المحتملة لهذه الإستجابات الفطرية لا يمثل سوى الخطوة
الأولى في فهم ما تقدمه هذه الإستجابات من تطوير للجانب الإجتماعي عند الأطفال .
و يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك ، و أن نوضح كيف أن هذه الإستجابات غير المكتسبة
تتأثر تدريجيا بالمثيرات الموجودة في عالم الطفل .
ففي نظرية التعلم الإجتماعي مثلا ، فإن الذي يحدد المخزون السلوكي المكتسب للطفل هو
مدى الترابط بين استجابات الطفل الفطرية مثل البكاء و التبسم ، و بعض المثيرات
الإجتماعية المعينة . إن الإستجابات بحد ذاتها لم تتغير كثيرا –فالطفل ما زال يبتسم و
يبكي و يتشبث بأمه – ولكن الظروف التي تحيط بحدوث هذه الإستجابات هي التي
تغيرت و أصبحت نتاجا للتعلم و الخبرة بعد أن كانت فطرية غير مكتسبة . فيتعلم الطفل
أن يبتسم لشخص دون شخص و يتشبث بفرد دون فرد ، و هكذا .
المرجع :
شفيق فلاح حسان ، أساسيات علم النفس التطوري ، دار الجيل ، بيروت ، الطبعة الأولى ،