توجهت مسرعاً حاملاً معي عشرات الكتب التي اشتريتها من معرض الكتاب الدولي إلى ذلك الموقف الرسمي لتلك السيارات التي تنقل المسافرين بين المدن .
ولم يكن بيني وبين ذلك الموقف سوى بضعةِ مترات
استوقفني أحدهم قائلاً
– أتود السفر إلى إب ( مدينتي الخضراء تبعد عن صنعاء العاصمة حوالي 200 كم جنوباً )
– قلت له نعم
– إذاً تعال معي اذهب إلى ذلك الباص الذي تراه على بعد عدة أقدام من أمام عينيك
طبعاً الركوب مع الباص تدفع أجرة أقل من تلك التي تدفعها لسائقي البيجوت ( السيارات الرسمية للسفر بين المدن ) .
_ قلت في نفسي فرصة أرتاح من ملل تلك السيارات التي أعتدت على ركوبها دائماً وأوفر مالاً أيضاً
_ انتظرنا أكثر من ساعة حتى امتلئ ذلك الباص بالركاب ثم انطلقنا باتجاه الجنوب
ولأنه لدينا انتخابات رئاسية فأول ما ابتداء المسافرين الحديث عنه هو عن تلك الانتخابات
التي لم يتبقى لها سوى تسعة أيام .
وبعد نقاشٍ مريرٍ ، وجدالٍ طويلٍ لم يتوصل إي من الطرفين إلى أي نتيجة لا إقناعاً ولا فِهمـاً
لأفكار الآخر ( كان الطرفان قد انقسما إلى قسمين قسمٌ يؤيد مرشح الح** الحاكم ، وقسمٌ
يؤيد مرشح المعارضة ، وأنا كنتُ ممن يؤيد مرشح المعارضة لأني وبصراحة ناقم على الوضع
الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه اليمن من تضخم ٍ للفساد والفاسدين وضياع ثروات الوطن ……………………) الــخ
_ بعد ساعتين ونصف الساعة من سفرنا لم ينقطع الطرفان عن ذلك النقاش السياسي إلا بعد وصولنا إلى بداية ذلك الجبل ( جبل سمارة عبارة عن سلسلة جبلية متواصلة يبلغ ارتفاعها أكثر
من 3000 كم عن مستوى سطح البحر )
في تلك اللحظة انتابت الجميع موجة من الصمت المطبق لهولِ مشاهدوه من منظر ذلك الضباب
الجاثم على الجبل ومدرجاته الخضراء ، وكنت أنا في المقعد الأمامي إلى جوار السائق .
وكنا (من شدة ذلك الضباب الذي مد بساطه حتى عانق رصيف الطريق وأحتضن السيارات المارة بكل بروده ) لا نرى ما أمامنا مباشرةً وسار السائق بهدوء وبحذرٍ شديدٍ حتى أنقشع الضباب
فقلنا
-الحمد لله لقد انتهى الضباب وزالت عنا الهموم والهواجس التي كانت قد سيطرت على عقولِ المسافرين في ذلكَ الباص .
ولكن هيهات ، فبعد لحظات ، عُدنا إلى تِلك الدوامات مِن الضبابِ مرةً أخرى ، وهكذا على ارتفاعِ وانخفاضِ ذلك الجبل ( الذي يتعوذ منه السائقين لكثرة ملفاته الخطرة )
كان الضباب يسير معنا تارةً ويختفي أخرى حتى وصلنا إلى الوادي الواقع أسفل ذلك الجبل ولم يعد هناك وجودٌ لضباب , وإنما بدت البروق تلوح والرعود تقصف والغيوم تغطي الأجواء في كل الإتجاهـــــــات ……………………………….
وهكذا رافقنا المطر حتى وصلنا إلى مدينتا الخضراء ( عاصمة اليمن السياحية ) بسلام …..